||
ضيف الله نافع الحربي
من قال إنك حُر في رأيك! ، الرأي الذي تمتلك حريته المطلقة تُضمره في داخلك ولا تُبديه، أما الرأي الذي تطرحه وتشاركه الناس فله حدوده وأدبياته. أما أن تُفرد لك المساحة الكافية التي تُفرغ فيها ما لديك دون مراعاة للآخرين فهذا تعدٍ سافر عليهم وتجاوز لا تملك الحق فيه. نعم، حُرية الرأي مكفولة للجميع، لكن وفق الضوابط الدينية والقانونية والمجتمعية، وعليك أن تُخضع ما لديك وترغب مشاركته كرأي عام لتلك الضوابط حتى لا تقع في مرمى سهام المُتضررين من فوضوية نهجك وغوغائية فكرك. فنحن اليوم نعيش حالة وعي مجتمعي مرتفع ما مكّن الجميع من معرفة ما لهم وما عليهم، لاسيما مع الفضاء التواصلي المفتوح الذي منح الفرصة بالتساوي للجميع دون عوائق لتبادل الآراء والنقاشات، تأييدًا ونقدًا، تأكيدًا وتفنيدًا.
وبالعودة للمقولة التي استهللت بها المقالة: “رأيي وأنا حُر فيه”، نجد أنها ثقافة مغلوطة، حُقنت بالجهل في زمن لم يعد به جاهل إلا من ارتضى لنفسه أن يكون كذلك. و مع شديد الأسف، لا زال البعض يمارس الجهل بدءًا من الأسرة التي منحت أفرادها مبكرًا الصمت الكافي لنمو تلك الثقافة البائسة حتى اشتد بداخل أرباب تلك المقولة عود الفوضى، وانتهاءً بمواقع التواصل الاجتماعي التي يظن البعض أنها مساحات بلا رقيب تمنح مرتاديها الحق الكامل لتفريغ ما لديهم من عُقد وشحناء وممارسة كل ما هو منافٍ للهدف من تلك الملتقيات التواصلية التي تجمع العقول وتقدم الأصوات والآراء على طاولة واحدة بحجم العالم الذي نعيش فيه. ما يرفع الحاجة لثقافة المسؤولية، فأنت لا تمثل نفسك فقط، أنت تمثل دينًا ووطنًا ومجتمعًا، ورأيك المُنفلت محسوب عليك قانونيًا وتُعاقب عليه، وهو أيضًا محسوب على ثقافة مجتمعك، وهذا جُرم آخر ليس لك الحق في ارتكابه. لهذا، رأيك الذي تملك حريته ما توافق مع قيم وعادات وتوجهات وثقافة مجتمعك و وطنك، وليس ما توافق مع أهوائك ورغباتك الجامحة.
همسة:
احذر أن تسقط برأي مُنفلت .
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020