||
الكاتبة: رغد السريحي
تبدأ صباحها بابتسامتها و كما هو حال الفتيات في مثل عمرها تذهب الى جامعتها لتكمل دراستها. تلك الفتاة ذات روح المرحة والطموحة استيقظت في يوم ما لتجد أن روتين حياتها انقلب رأسا على عقب، تفتح عينها لترى سقف غرفة بيضاء اللون، يمينها جهاز بصوت مرتبط بيدها الباردة، و يسارها مغذي يطعم جسدها النائم على ذلك السرير الأبيض في المستشفى، بدأت تصرخ و لتأتي تلك الممرضة ذات اللباس الأبيض لتحقنها و تغط في نوم عميق، ليأخذها النوم الى ظلام بعد ان رأت عالم البياض من حولها.
ضجيج أصوات ايقظها لتفتح عينها و تجد عائلتها التي اشتاقت لرؤيتهم يطمئنون قلبها الخائف، ابتسامات حزينة تكسو ملامح وجوههم، قطعت تلك الابتسامات وهي تحاول جاهدة الكلام: ل..ليش..ليش أنا هنا؟ لم يجبها احد بعد ان اختفت تلك الابتسامات، اعادت السؤال و كان الصمت هو الجواب . قطع صراخها الصمت عندما أرادت أن تحرك قدمها ولم تستطع واختلف لونها وكأن صعقة كهربائية أحرقت جسدها لتجد نفسها لا تستطيع المشي بعد أن أصيبت في حادث سير.
تلك قصتي ، كنت سليمة أمشي وأصبحت سجينة لسرير أبيض في المستشفى في فترة من أيام حياتي و بعدها أصبح الكرسي المتحرك صديقي.
لأنضم بذلك لأصدقائي المقعدين أو الذين أحبهم الله فبتلاهم بفقد شيء أو مرض أبدل حال جسدهم ، أصدقائي الذين عرفت جيداً أحاسيسهم و معاناتهم، كنت لا أفقه إلا جهلاً و لكن بعد ان أصبحت منكم اعتذر لكم.
اعتذر لكم يا أصدقائي من جهل قوم انعم الله عليهم بكامل عافيتهم ولم يروي أو يشعروا بكم سوى بنظرات شفقة أو عطف او بتلك الكلمات الجارحة التي أسمعها مثلكم.
اعتذر لكم عن بعض ما فعلوه بترديدهم لشعارات زائفة كلنا معكم يا ” ذوي الاحتياجات الخاصة ” ليصفق لهم الاخرون و يكرموهم على ابداعهم في حرق مشاعركم بكلماتهم الفارغة و بطولات بعضهم المزيفة مثل شعاراتهم .
اعتذر لكم عمن يسلبون حقوقكم ومن يأخذون مواقفكم أو من ينشئ مبنى أو مطعم أو أي مرفق ولم يكن به طريقكم ليسلب منكم حق العيش مثل الغير.
اعتذر لكم عمن يتعامل معكم بأنكم لا تستطيعون فعل أي شيء وكأنكم عالة وأنتم لستم كذلك أبداً.
اعتذر لكم عن بعض شركات الأعمال الذين لا يرون شهاداتكم أو قدراتكم وفقط ينظرون لإصاباتكم.
اعتذر لكم عن جهل بعض قوم نعيش بينهم ومعهم.
من هنا سنكون معاً لنخط حقوقنا ونرسل لمجتمعنا رسالتنا ليصل إليهم كل ما نريد منهم أن يفهمونه جيدا و كيف نريد، و أيضا نريهم قدراتنا و ابداعاتنا لندفن أفكاراً سلبية أغرقت بعضنا في الماضي و أحيت أبطال في الحاضر و لنواصل بهمة قوية للمستقبل.
ليكون هدفنا ليس بشعار ولا بكلمات خاصة نحن وأنتم كلنا مثل بعض وإن فقدنا شيء يكون مجتمعنا مكمل لنا.
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020
ماشاءالله تبارك الله استاذة رغد السريحي انتي نموذج رائع للشباب الطموح الذي يصنع المستحيل ويحطم القيود ويتخطى الصعاب ليقول ها أنا هنا في ميدان العطاء والبذل والتحدي وسوف اضع بوطني بصمتي وفقك الله