||
ضيف الله نافع الحربي
ما الذي سيخطر ببالك وأنت في السطر الأول من هذه المقالة؟ وأين قادك عنوانها؟ والأجابات هُنا ستتابين حتمًا ، و لكن انطلاقًا من ثقافة معتقداتنا السائدة، يُشير الأسود إلى الجانب المظلم، وإلى الخطأ الفادح أو العار والشر والخوف، وما هو في حكم هذه التوقعات السوداوية الحادة.
لكني أرى أن العدل في وصف الأسود هو اعتباره جزءًا يحمل إشارات التحذير وضرورة التغيير، أو دعوة للبحث عن النور. حتى لو اضطررت للبقاء فيه، فلتكن على الأقل على قيد الأمل، منتظرًا البياض الذي يأتي مع نهاية سواد الفجر، عند بزوغ نور الشروق والحياة ، ولا تسمح للأسود أن يصنعك فيغلب نصفه الطبيعي ويتجاوز إلى جانبك المضيء، مع الحذر من القمع الذي نحاول من خلاله أن نرفض أخطاءنا ونُدير ظهورنا لضعفنا ونتهاون مع سلبياتنا، وبهذا نُصافح ونُطبّع تطبيعًا سلبيًا.
لكلٍّ منّا نصفه الأسود الذي لا نخشاه بالقدر الذي نجتهد في إخفائه، وكأن العار حين يعرف الآخرون به، متجاهلين الدمار الذي سيخلّفه إن لم نتعامل معه بوعيٍ حذرٍ يجيد إدارة المخاطر الذاتية من خلال التصالح مع الذات دون ضعفٍ أو استسلام.
نعم، يسعى الإنسان لأن يظهر بحُسن المظهر وعلوّ القيمة وصلابة الشخصية واتزانها، لكن في الوقت ذاته لن ينتقص منك شيئًا إن علِم الناس أن لديك عيوبًا كسائر البشر، ما دمتَ متصالحًا مع تلك العيوب أو ما يظنّ الناس أنها عيوب.
وأقصد هنا العيوب غير السلوكية، التي تكون نتيجة سوء الطبع أو الخُلق، بل العيوب التي لا يد لك فيها، كعدم تحقيق النجاح في مجالٍ ما، أو العجز عن بلوغ الأهداف، أو الشعور أنك متأخر عن أقرانك لسببٍ أو لآخر، كالمستوى الوظيفي أو تكوين الثروة أو الإدارة المالية وغيرها.
ثمّ اعلم أن البقاء مع ضرورة المغادرة، والسماح للآخرين باستغلالك، ومسامحة من لا يستحق، أو التمسك به، ومحاولة إقناع الذات أنك أقل من غيرك، والاستسلام للأفكار السلبية وجلد الذات، هو نصفٌ أسود، قابلٌ للبياض، وقادرٌ على العبور إلى منطقة الضوء.
همسة:
نصفك الأسود جزءٌ منك .
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020