||

زمرد الحياة وهمس الحديد

10 أغسطس، 2021

مها الكافي
@AlkafiMaha
 
 
عندما يهمس الحديد للوطن للحياة همس الحديد على شواطئ جدة. جدة الفن. جدة الساحل. همس للحياة وللموسيقى وللروح.
همس بمعزوفة الوطن حين كتب الشاعر ورسم الفنان وتغنى المسرح بالموسيقى.
همس أوبريتاً للبقاء وللتاريخ وللأمجاد. شدا ولكن لم يشدوا كما هو كتلة الحديد وإنما تنامى وتسامى في فضاء المكان وتشكل بين يدّي الفنان زمرد الحياة.
كان يحاكي الحياة بموسيقاها وأصواتها وحتى سكونها. قطع زمردٍ تناثرت أمامه هكذا رآه وهمس له بصوت الحبيب ها أنا هنا اختزلت الموسيقى والدانات والمقامات ونمنمات البيوت واهازيج الفرح وحتى صرخة الحياة الأبدية. ها أنا هنا نبع الحياة وصوت الأرض.
حديث دار بينهما وانبثق منه فجر جديد. انبثق نداء جديد للحياة وللفن والموسيقى بلغة الحديد؛ بلغة الخلق الأول.
حديث شادن طال بينهما وتسامرا ليال حتى احتضنه بين يديه عندها همس له موسيقاه فتشكلت ولادة أول قطعة من الألآت الموسيقية بين يديه رآها بكل تفاصيلها الجميلة وتكونت أمامه صورة الكمال المطلق حيث الشمس والقمر يلتقيان ويشدوا بصوت الوتر حين يحتضنه الوطن؛ حين تولد الحياة والموسيقى ولدت آلة الحديد الموسيقية من همس الحديد ولدت وعزف الحديد لحن أوتار العود والقانون والكمان ثم توالت الألآت الموسيقية ليعزفها بهمسه الدافئ حيث كساها لون الأصالة والبقاء؛ لون الماضي والحاضر والمستقبل حينها نزف الزمن على أعطافها فكساها رونقاً وجمالاً فاق التصور.
كتب الزمن في رحلة الحديد رحلة الفنان فوق أجزاءه وبين أوتاره؛ رحلة الحنين والشوق والحب؛ رحلة الباحث عن الجديد وعن التجديد رحلة من سكنه هاجس العشق لأعماق الفكرة وأصوليتها ولأسرار الكينونية ورمزية العنصر واللون.
كتب الزمن (منصور المطيري) ذلك الفنان بلحن قيثارة (همس الحديد) بصفير الريح وصوت الطبيعة.
المطيري ذلك المرتحل حط رحاله بين صدأ الحديد وصلابته وبين همسه الشجي ليمزج بين صلابة الحديد وهمس الموسيقى وليخلق تناغم وتجانس رغم التنافر في الكينونية. أخذه ذلك الهمس بهدهداته للموسيقى وللكلمة والصوت وامتزج معها ليخرج بفكرة الحديد والفنان. الحديد والشاعر والحديد والموسيقار والحديد والراقصة. أخذه الحديد لذلك الهدوء رغم الصخب؛ لذلك الحب والحنين رغم عذاب الفراق والوداع فخرجت أعماله المعلقة لكبار الشعراء والفنانين والموسيقيين والذين أثروا تاريخ الفن والموسيقى السعودي والخليجي والعربي و لتكتمل الآته الموسيقية المجسمة بلوحاته الحديدية المعلقة لكل من عزف اللحن وكتب الكلمة وغناها.
منصور المطيري طرق أسمه بلغة الحديد وعزف همس الحديد بألآته الموسيقية الحديدية مشكلاً فرقة موسيقية ولوحات معلقة أمتطت الريح لتحط رحالها على ضفاف جدة الفن وبين أحضان من كان يراقبها ويرقبها بشوق ويهاتفها من بعيد ألم يحن بعد وقت اللقاء. وعندما حطت رحالها بين يديه عانقها عناق العاشق الملهوف وهمست له بلحن تهادى بين الصناديق المغلقة بلا وصلت. عزفت له لمحمد آل صبيح وللبحر والشاطئ لحن اللقاء لحن العناق.
كان (همس الحديد) يرقب ذلك اللقاء مثلما كان محمد آل صبيح يرقبه. كان يستمع لهم بشوق وهو ساكن في صناديق الإنتظار. ينتظر ذلك اليوم بشوق للقاءه ولقاء الزوار . ليهمس له و لكل زائر لحن الحب ولغة الحياة وعزف( وتر الحديد) عزف الفنان (منصور المطيري)
حان الوقت وفتح محمدآل صبيح معزوفة (المطيري) معزوفة (همس الحديد) فتح صناديق تاريخ مجيد تاريخ الموسيقى من كلمة ونغم ولحن لتفتح بوابة المقامات والدانات بوابة تاريخ النغم بهمس الحديد بين أحضان مدينة التاريخ ومدينة الحضارات وفي بيت جمعية الثقافة والفنون بجدة الحاضنة للفن والموسيقى والأدب.
احتضنته واحتضنت معه توأمه الحفل الموسيقي الأول. فتهادا على شواطئ جدة يشدوا بلحن الدانات وموسيقى الحياة حتى تهادت الحانهما بين ممرات جدة وزقاق بيوتها فخاطبت الناس وشدوا الرحال لهما. كان اللقاء ١٠ أيام ولكن أبى ( همس الحديد) أن يغادر فشوقه لم يطفأ وحنينه لم يهدأ وهمسه عانق الكل فأبوا أن يتركوه يغادر كان همسه أشبه بخلق يتكون كل لحظة وولادة جديدة ينتظرها الكل بلهفة. كان سكونه حديث وهمسه سحر.
لم يشأ آل صبيح أن يودعه ولم يشأ المطيري أن يحزن (همس الحديد) ويحزن هو. ولكن جاء يوم الختام ويوم الوداع واُختتم معرض (همس الحديد) اختتم في يوم لن ينساه من همس له (همس الحديد) ومن عانقه لحنه. اُختتم في يوم شاركه الكل فرحة اللقاء وحزن الوداع. في يوم كُتب فيه تاريخ جديد في مسار الفن التشكيلي السعودي كُتب فيه تاريخ مدرسة جديدة وتجربة فنية استحدثها الفنان (منصور المطيري) ووثقها(محمد آل صبيح) في جمعية الثقافة والفنون بجدة. سيرحل (همس الحديد) من جدة ولكن سيحط رحاله لمن ينتظره بشوق لمن يهاتفه بشوق: تعال فأنا انتظرك.
أنه (همس الحديد) لحن الأرض و وأوبريت الوطن. أنه ذلك الطائر الباحث عن ميناء جديد ليهمس له لحن التراب والبيوت القديمة والتراث والثقافة.
رحل ولكن حمل معه حب كل من عانقه وصافحه.

رد واحد على “زمرد الحياة وهمس الحديد”

  1. استاذة مها الكافي جمال حرفك يتوائم وجمال ريشنك على الحجر فانتما ابدعتما والاستاذ منصور واعمالكما اسميها ثورة فنية رغم قلة خبرتي بالفنون انما نظرتي الابجاعية وهيامي بالابداع معرفيا وفنيا فانتما تركتما بصمة بارزة وشمعة متوقدة اتمنى ان تتنامى وتزدهر في صرح ثقافي و معرفي وفني جمعية الثقافة والفنون بجدة وبقيادة شخصية جميله الاستاذ محمد ال صبيح فلكما كل الشكر وددحليفكما التوفيق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

رأي المصداقية

1 يناير، 2021
رآي المصداقية

  كان حلما يراودنا منذ...

كتّاب المصداقية

23 أكتوبر، 2025
نصفك الأسود

ضيف الله نافع الحربي  ما...

15 أكتوبر، 2025
من جدة إلى كأس العالم

ضيف الله نافع الحربي  من...

9 أكتوبر، 2025
أخطر العقود “أنا وأنت معًا”

ضيف الله نافع الحربي  رابط...

2 أكتوبر، 2025
اقرأ لتكبر

ضيف الله نافع الحربي  لا...

أوراق أدبية