||
ضيف الله نافع الحربي
حين تُمسك قلمك لتترجم فكرة ، أو تكتب نصًا أو مقالة ، فأنت لاتمارس عملًا عاديًا ، بل أنت أمام مهمة ” كتابة ” شاقة ليس لأن الكتابة مهارة تحتاج إلى ثقافة وتتطلب أدوات يجب أن تُجيد تسخيرها واستخدامها استخدامًا ذكيًا بما يخدم المحتوى الذي ترغب في كتابته ، بل لأنها لُغة تواصل مع العقول وخطاب عليك أن تُكسبه المناعة اللازمة ليتجاوز التباين في الآراء حول محتواه ، فليس لما تكتب ” قُدسية ” تفتح له آفاق القلوب قبل العقول وتمكنه من الوصول بالطريقة التي ترغبها أنت ككاتب له وأب روحي لفكرة محتواه بل سيكون قابل للنقد وللقبول والرفض ، وفوق هذا فالكتابة رسالة يجب أن تحمل شيئًا يفيد القارئ ويضيف له وإلا فما فائدة قراءة كلمات “مرصوصة ” فوق سطور متتابعة تائهة الفكرة ركيكة الأسلوب خاوية المحتوى .
يقول الأديب الألماني توماس مان : ” الكاتب هو الشّخص الذي تكون الكتابة بالنّسبة له أكثر صعوبة ممّا تبدو عليه للآخرين ” ، وتلك حقيقة لايعرفها إلا من مارس الكتابة بثقافة الكاتب الحقيقي ، فليس من السهل أن تكتب ما يستحق ، وهذا هو ما يجهله الآخرون الذين يعتقدون أن الكتابة مهارة يمتلكها فئة من الناس يمارسونها متى شاءوا بكل يسر وسهولة ، وحقيقة الأمر ليس كذلك أبدًا ، إذا ما علمنا أن الكتابة إنصات للفكرة و حضورٌ ذهني تام وغيابٌ كلي عن كل ما قد ينتزعك من حالة الشغف الذي تمارسه .
كُثر هم من يمارسون الكتابة ويُذيلون تحت أسمائهم كلمة ” كاتب ” وهم كذلك كتّاب حقيقيون مَن عرفنا منهم ومن لا نعرف وأقصد بمن لانعرفهم، الكتّاب المبدعون الذين لايبحثون عن الأضواء ولم يتعرف على نتاجهم القراء وهذا بلا شك تقصير من الكاتب بحق نفسه ، وفي الوقت ذاته كُثر هم من يدّعون الكتابة ويُسيئون لها حين يعتقدون أن تصفيف الكلمات كتابة ، وأن إعادة تدوير ما يقرأون مع تغيير أماكن المفردات و العبث بسياق العبارات كتابة ، متجاهلين أن القراء بكافة ثقافاتهم ومستوياتهم العلمية يُجيدون التفريق بين الكاتب الحقيقي والمتسلق ، ولأن الكتابة دون بقية المهارات لا تنمو إلا بالشغف ولا تتطور إلا بالممارسة وأن لكل كاتب روح كتابية لاتكون لغيره لذا يصعب الإلتصاق بالكتابة طويلًا لمن لايملك أدواتها ويملؤه الشغف لها ، وسيسهل سقوط كل متسلق لايجيد الصعود بقلمه .
همسة :
الكتابة جزء من الهواء الذي يتنفسه الكاتب
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020
شكرا أضيف
مقال جميل جعلني أراجع أفكاري وأتساءل .ْ؟ْ
هل فعلا ما نكتب يستحق القراءة أم هي كما تفضلت حروف مرصوصة تعبئة فراغ فقط ؟.
قد نختلف في كتابة تقرير في موضوع ما أو قد نكمل بعضنا بعضا لنوصل فكره معينه للقارئ ولكن الأهم هل كتاباتنا التي قد تخلد بعدنا كمثابة دليل يفيد القاري مع اختلاف الثقافات أو هي بصمة عار تسيء لنا أو لمجتمعنا أو ديننا فنحمل وزرها .