||
ضيف الله نافع الحربي
مع التطور الذي اكتسح العالم ، والتغيير الذي يعصف بكل شيء على مدار اللحظة ، لم يعد الإنسان قادرًا على تقبل الرتابة واعتياد الروتين الطويل ، ما يجعل الجميع أمام تحدي كبير وصعب للخروج عن المعتاد إلى عنصر المفاجأة التي تخلق التغيير وتحافظ على وجود (( العميل )) وأقصد بالعميل هُنا كل من تستهدفه الجهات المعنية سواءً الشركات التي تقدم المنتجات أو الأفراد الذين يعملون بشكل مستقل ولهم إنتاج خاص بهم ، أنظروا إلى الشركات العالمية و على سبيل المثال المتخصصة بإنتاج الأجهزة الإلكترونية أو الذكية تحرص على إحداث تغييرات مُذهلة وإضافات نوعية على أجهزتها مع رأس كل سنة وكأنها تُقدم ابتكارًا جديدًا وهو في الحقيقة نفس الجهاز ويقوم بنفس الدور لكن تغير شكله وحجمه ومميزاته ، وهذا هو الذكاء الحقيقي للحفاظ على شغف العميل ، فلو أن الجهاز بقي كما هو بذات المواصفات التي كان عليها قبل سنوات لن يلفت الانتباه وسيصبح ضمن قائمة ” الأشياء التي مللناها ” والتي أصبحت لاقيمة لها لدى المستهدف أو المستهلك لها ، وعلى مثل هذا تقاس الكثير من تفاصيل وأحداث الحياة سواء المعنوية المحسوسة أو المادية الملموسة والتي تتطلب التغيير حد الضرورة .
وفي مجال آخر و من بين التكرار الذي مللناه، المحتوى التلفزيوني الرمضاني الذي يقدم كل عام في سباق محموم بين الفضائيات لاستقطاب أكبر عدد من المشاهدين وبالتالي حصاد الملايين من ريع الترويج والإعلانات ، محتوى درامي متكرر يكتبه ذات الشخص الذي كتب المحتوى الدرامي قبل ١٠ سنوات ، حتى تكاد تقرأ الحلقة الأخيرة بعد انتهاء الحلقة الأولى ، نفس الوجوه ونفس الجمل الكوميدية حتى الإعلانات والرعاة هم ذاتهم وكأننا نكرر النسخ الدرامية الرمضانية ذاتها ، حتى مل المشاهد ، أما بقية البرامج فحدّث ولا حرج فكرة يُعاد تدويرها كل عام وتسوق وكأنها الفكرة التي لم يسبق لها مثيل ، وهذا يعود إلى الفكر الراسخ لدى القائمين على تلك القنوات و الذي يراهن على تدني ذائقة المشاهد وأن كل ما يقدم سيتقبله .
ونجد ” التكرار الذي مللناه ” حاضرًا في كثير من شؤون الحياة ، حتى على مستوى علاقاتنا الأسرية والاجتماعية ، قليل من الأشخاص من يحاولون تغيير أنفسهم وأساليب حياتهم التي يتشاركون بها مع أشخاص آخرين ، ما يجعل الأيام واللحظات نسخ متكررة لدى من لا يعملون على إحداث التغيير فتبدأ الحياة تسقط في قاع الملل ، وبالتالي النهاية المبكرة للشغف الذي يجعل من الحياة هدف يستحق العناية به ، والسبب في ذلك هو ممارسة الروتين والاستسلام للمعتاد وفقدان روح المغامرة وإحداث التغيير في ذات الإنسان ومحيطه .
همسة :
لا تكُن جزء من الملل بتكرار التفاصيل حتى تفقد بريقها .
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020
أحسنت كاتبنا المميز
حتى وصل بنا الحال إلى طاش ما طاش 10 وباب الحارة 5 مدري 6
وهكذا وكأننا قوالب مصنعة لا تقبل الجديد من العلم والمفيد من المعرفة