||
ضيف الله نافع الحربي
من قواعد الحياة التي قد تكون غائبة عن البعض أن نهم البحث عن المزيد الذي لاتحتاجه قد يُفقدك أقل القليل الذي لم يملأ قناعتك وهو ثقيل في موازين آخرين يتمنون مالديك ، وقد يسلبك من حياة الاستمتاع بماعندك ويقذف بك في وعورة الشقاء والركض خلف نهم زيادة الأرقام وارتفاع محصلة الخزائن والرغبات ، وكأن الحياة حلبة صراع يفوز بها من يملك أكثر ! بعد أن أصبح الاكتفاء عملة صعبة نادرة في ثقافة الأرواح التي تعيش تحت خط القناعة ، والحديث هنا ليس عن المال والماديات فقط بل عن الاكتفاء بمفهومه الشامل بدءًا من الاكتفاء بأقل الاحتياجات المادية التي تؤدي الغرض منها ، مرورًا بالاكتفاء والقناعة بما لديك أيًا كان قدره ، وانتهاء عند الاكتفاء بالذات و هو المُنتج النهائي لصناعة الذات صناعة واعية تمنح صاحبها الاستقلالية والأمان وتمكنه من أدوات التأثير والتغيير وتجعل منها مصدر إلهام لنفسه ومن حوله .
وحين نغوص في تفاصيل الاكتفاء بالذات نجد أن العجز عن تحقيقها لدى الشخص هو الشعور السلبي الدائم والمتمثل في اعتقاد الشخص أنه بحاجة عالية للآخرين وأنهم يملكون من القدرات والإمكانات ما يفتقده ويحققون ما يعجز عنه ما يجعله مُقيدًا بسلاسل طويلة تُعيده إلى مربط الآخرين كلما حاول الإفلات والاستقلال بذاته ، وإن لم يتخلص الإنسان من هذه القيود فلن يكتفي بذاته وسيصبح مجرد رقم تابع لا ترتفع قيمته إلا بوجود شخص آخر ، ولن يستطيع أن يكون قويًا قادرًا على تحديد أهدافه وغاياته بشجاعة ويرسم خطط حياته بوضوح ، مجتهدًا لتحقيق الصواب مستعدًا لنتيجة أخطائه أن حدثت ،
ومن أقبح صور العجز عن تحقيق الإكتفاء بالذات ، محاولة استجداء تعاطف الآخرين من خلال الحديث بلغة الضعف كأن يدعي أنه تعرض للظلم ، و وقع ضحية للخداع وأنه لم يكن يستحق ذلك ، لايعلم أنه بهذا الأسلوب يعلن للآخرين عجزه عن الوقوف في المكان المناسب الذي يحفظ له كرامة الذات ويعيد إليه القدرة على بناء ما سقط مهما كان السبب ، وهذا يُعيدني إلى ما بدأت به المقالة من أن عجز الإنسان عن تحقيق الاكتفاء بالذات سيجعله ضعيفًا مهما امتلك من مقومات القوة إلا أنها ستبقى هزيلة لا تُسمن له فكر ولا تُغنيه من تسول الآخرين واستجداء العون والدعم منهم .
همسة :
الاكتفاء لغة الأقوياء .
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020