||
ضيف الله نافع الحربي
لازال العالم حتى الآن لم يستوعب الأحداث المتوالية والمتسارعة والتي لم تكن في الحسبان ، وإن كان يُدرك تمامًا خطورتها على اقتصاد العالم ، لاسيما مع الإستجابة السريعة والعاجلة للأسواق والبورصات العالمية والسلع الاستراتيجية بمجرد بدء الحرب الروسية على أوكرانيا ، ومازاد الأمر سوء العقوبات الغير مدروسة التي اتخذتها أمريكا وحلفائها بتعجل فبعد ١٣ يومًا على بداية الحرب أسعار النفط ( محور اقتصاد العالم ) تُلامس مستويات تاريخية لم يسبق لها مثل منذ عقد من الزمن ، ما يُنبئ بموجة غلاء في الأسعار ستجتاح الكثير من الدول خلال فترة قصيرة لاسيما الدول الفقيرة أو التي تُعاني اقتصاداتها من تضخم مُزمن ، وبالتالي سيصاب النمو الهزيل للاقتصاد الذي لازال في طور التعافي من جائحة كورونا بنكسة جديدة لن يشفى منها بسهولة وسيدفع سكان العالم ثمنًا باهضًا للعقوبات اللا مسئولة من الدول التي تصدرت المشهد و تعالت أصواتها الكاذبة لنصرة أوكرانيا والهدف الخفي هو محاولة كسر عظم الروس بيد الرئيس الأوكراني الذي ابتلع الطُعم وأصبح في مواجهة قاتلة مع روسيا مُضحيًا بأرواح شعبه معرض مقدرات دولته وبنيتها التحتية للدمار والخراب الذي أصبح جزء من تلك الدولة التي تستطيع أن تكون آمنة لو استقلت بقرارها بعيدًا رغبات الدول الأخرى .
واليوم يُبادل الرئيس بوتن الغرب وأمريكا العقوبات ، ويمنع تصدير واستيراد مواد الخام ، ليضع العالم في أزمة اقتصادية خانقة ، لاسيما أن لروسيا ثقلها الاقتصادي المؤثر بشكل كبير في مجالات الطاقة والتجارة على مستوى العالم فهي وأوكرانيا تصدران ما يعادل ثلث إنتاج العالم من القمح ، ما يجعل الغذاء العالمي أمام أزمة يصعب تداركها ، كما أنها توفر 40% من استهلاك الغاز في أوروبا وهذا بحد ذاته يجعل من أوروبا قارة قد تتجمد بردًا في ظل صعوبة إيجاد البديل وإن وجد ولو بشكل جزئي فلن يستطيع الأوربيون دفع ثمة الوقود الذي يبقي بيوتهم دافئة ، ثم أن روسيا تّصدر 14% من صادات العالم من النيكل ما يهدد الصناعة بضربة موجعة ، وغير ذلك الكثير من الأرقام المرعبة التي تهدد اقتصاد العالم بكساد لم يسبق له مثيل وربما انهيار يُعيد العالم إلى اقتصاد ما قبل مئات السنين ، وفي كل الأحوال ومهما كانت النتائج للحرب الروسية ستبقى الحقيقة الجديدة أن اقتصاد العالم سيرتدي ثوبًا جديدا وستتغير خارطته و تتبدل مواطن قوته وضعفه ولن يعود كما كان لاسيما أن الحرب الجديدة الممتدة مستقبلًا ستتحول من حرب اقتصادية باردة كما في السابق إلى حرب (ساخنة) لاتخلو من سقوط كيانات لسبب بسيط أن هناك من هو مسؤول لكنه لايستشعر مسؤوليته ينطلق من مبدأ أنا ومن بعدي النيران تحرق ما تشاء وهذا الذي أشعل فتيل المواجهة الصدامية بين الغرب وروسيا .
همسة :
القريب القادم سيكون قاسٍ اقتصاديًا على الدول و الأفراد .
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020