||
ضيف الله نافع الحربي
في عالمنا الحديث القوة الأحادية تولد التسلط والغطرسة والهيمنة وغالبًا ما يكون الظلم والاضطهاد أهم أدواتها ، ولكن أن تتعدد القوى وتتساوى في إمكاناتها وتأثيرها حتمًا سيحدث التوازن ويشتد الحذر من كافة الأطراف وبالتالي يكون السلام خيارًا مُتاح لمن يركن إليه وخيارًا يفرضه الواقع على من لايرغب به ، بعد الحروب العالمية الأولى والثانية أُنهك العالم وتمزقت الكثير من القوى العظمى وتجاوز عدد الضحايا الملايين والخسائر المادية المليارات ، ماجعل كافة القوى والأطراف تؤمن أكثر بالسلام ، وإن كانت الحروب لم تتوقف لكنها حروب غير متكافئة غالبًا أحد أطرافها ضعيف والآخر قوي ما جعل دائرة اتساعها ضيقه ونطاق تأثيرها محدود ، لكننا اليوم أمام صراع أخذ صفة ( عالمي ) بعد أن قررت روسيا فرض واقعًا جديدًا ترى أنه يساهم في تعزيز أمنها القومي ، متحدية القوى العظمى التي تدعي عليهم روسيا استغلال دولة ذنبها الوحيد أنها تخلت عن ترسانتها النووية مقابل وعود حبر على ورق بالحماية لها من الغرب وعدم الإعتداء عليها من الدولة الأم سابقًا الاتحاد السوفيتي ( روسيا حاليًا ) ، فأصبحت أوكرانيا مسرحًا لأقوى وأخطر الحروب الباردة في السنوات الماضية ما بين أطماع الناتو وخشية روسيا من التواجد العسكري الأمريكي الغربي على حدودها ، قبل أن تُصبح الحرب على المكشوف وأُخترق المحظور المنتظر بغزو أوكرانيا واجتياحها والذي كان بمثابة الصفعة التي أسقطت قبعات الدول الكبرى التي عجزت عن مواجهة الغزو بشكل مباشر مكتفية بالصياح المرتفع والوعيد والتهديد الذي لم يغير من الواقع شيئًا .
ومع توالي الأحداث و وسط ذهول العالم ، أصبح السؤال الذي يبحث عن إجابة ، ماذا بعد ؟ ومن الذي سينتصر ، ومن هم ضحايا هذه الحرب ؟ ، لا أظن بعدما حدث أن روسيا ستتراجع قبل أن تُنفذ شروطها التي فرضتها أو تسيطر على أوكرانيا وتعزل حكومتها الموالية للغرب وتعود دولة مستقلة في ظاهرها تابعة لروسيا موالية لبوتين ، أما الاقتصاد الروسي الذي يعوّل على انهياره الكثير ، فانهيار الاقتصاد الروسي ليس مكسبًا لأحد بل هو انهيار للاقتصاد العالمي والخسارة مشتركة بالتساوي بين روسيا ودول الغرب وأمريكا ، ورغم هذا لن ينهار اقتصاد بوتن بما يوازي أحلام أعداءه ، نعم قد يتضرر ، لكن البدائل التي ستستخدمها روسيا قادرة على إلحاق الضرر باقتصادات دول الغرب على المدى المتوسط والبعيد ، وستتغير خارطة العالم بمجرد انتهاء هذه الأزمة ، لاسيما بعدما أثبت بوتن عمليًا أن روسيا دولة قوية حين تقول تفعل وحين تُريد تُنفذ وهذه سمات الدولة القوية التي تستحق صدارة القوى السياسية والعسكرية والاقتصادية في العالم .
همسة :
العالم يتغير بشكل أسرع والقادم أخطر .
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020
كلام جميل اخوي ضيف الله