||
ضيف الله نافع الحربي
بعبارة بسيطة الكلمات قليلة الحروف تُدشن البداية الجديدة في العلاقات الإنسانية المتعثرة ، عبارة دارجة على لسان من يعنيها ومن يرددها كعادة اعتاد عليها بعد كل معركة طاحنة للإنسان طويلة أو قصيرة الأمد مهما كانت أدوات تلك المعركة ومهما كان الضرر البالغ الواقع على الطرف الآخر ، عبارة ” انسى اللي فات وافتح صفحة جديدة ” لتتعالى التحايا ويرتفع التصفيق لمن يُبادر بها ، و على الطرف الآخر أن يقبل بها وإلا فمكانه دائرة الإتهام ويُشار إليه بالخطأ ويُتهم قلبه بالسواد ، وأنه لا يُريد أن تصفو القلوب وتعود المياه إلى مجاريها ! ، لكن العقل يقول أن الصلح بالتراضي والمنطق ، و أن المسامحة شعور نابع من القلب حين يكون الإنصاف سيد الموقف ، أو أن يحتسب صاحب الحق ويعفو لوجه الله ، ولكن من الخطأ أن يُدفن الجمر تحت رماد القلوب المحترقة من أجل إشاعة التصالح الوهمي بحُسن نية من أطراف ربما لاتعلم عن خوافي تلك العلاقة المتعثرة بين شخصين قد يكون أحدهما وقع عليه ضرر يصعب إصلاحه بعبارة ” مافات مات “
نعم ليس كل علاقة متعثرة قابلة للإصلاح ، وليس كل جرح أو كسر يرممه النسيان ، و تنبذه الصفحة الجديدة المزعومة ، الإنسان إحساس وشعور ، وقد لاينجح في قراءة الأضرار التي لحقت بهذه العلاقة أو تلك إلا الطرف الأكثر تضررًا ، فلا نُلقي باللائمة على من يتمسك بحقه في عدم المسامحة ، فهو يمارس بذلك ما يراه علاجًا لما وقع عليه ، و سياجًا للحيلولة دون وقوع ضرر آخر ، لا أختلف أن ” الصلح خير ” لكن الصلح الذي يأتي بعد إعادة الحق لصاحبه والانتصار له بميزان عدل إنساني دقته العدل الذي يُزيل الشوائب عن القلوب ويُطهر النفوس وإن كانت الندبات المؤذية لن تزول ، لكن على أقل تقدير يشعر المتضرر أن ثمة حقٌ أعيد وليس فقط ( فتح صفحة جديدة ) وبقاء الصفحة المُثقلة بالوخزات في مكانها تتدفق بكل ما يؤذي ذاكرة صاحبها ، فالجراح المفتوحة لا تبرأ أبدًا مالم تُعالج ، ومن غير المنطق أن تقول لشخص مجروح ” عليك بالنسيان ” ! فالنسيان ليس تصالحًا ولا تسامحًا بل هو كتم للألم لايستطيعه إلا قلة .
ثم إن المواقف السلبية التي تتخذ مع الأشخاص الذين يتمسكون بحقوقهم من حيث التسامح والعفو مع أشخاص تعمدوا الإضرار بهم ، أو النظر لهم وكأنهم قُساة خطأ إنساني نمارسه ضد أشخاص رُبما كانوا أكثر الناس تصالحًا وابتعاد عن إيذاء الآخرين لكنهم وقعوا ضحايا لمن استغل ” طيبتهم ” أو ضعفهم أو حاجتهم له ، ومارس ضدهم ما لاعلاقة له بالإنسانية .
همسة :
جميل أن تتغلب على نفسك وتسامح ، وإن لم تستطع فذاك حقك ولاعيب .
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020
شدني جداً المقال من عنوانه إلى اخر همسه به … جميل أن نملك أرواحاً ساميه متصالحه مع ما سواها ولكن الأجمل أن نحافظ على هذه الروح من ان تتهشم مرة بعد مرة من اجل مبداء انساني قد لا ينصفها ، أنت لست كغيرك وهو ليس كمثلك وهي ليست كتلك الارواح قدرات ومساحات تسامح وأبعاد انسانيه والثابت المشترك الوحيد أن لا يكلف الله نفساً الا وسعها وان لم يكن بوسعها الصفح ففي الناس أبدال وفي الترك راحة …..