||
ضيف الله نافع الحربي
من السهل اليوم أن تُسلط عليك الأضواء ، وتُصبح حديث المجتمع ، و يُشير إليك القاصي والداني ، وتتداول أخبارك الصفحات والمواقع الإخيارية على مستوى العالم ، ومن السهل أن تُصبح مشهورًا تبحث عنه الفلاشات ويقف إلى جوارك من يلتقطون معك الصور التذكارية التي يتباهون بها في صفحاتهم الخاصة بحساباتهم في مواقع التواصل ، ويصبح عدد المتابعين لحساباتك يتحدث بلغة الأرقام ذات ( الأصفار الستة ) فقط لأنك ( استهبلت ) على طريقة المُهرجين وجعلت منك أضحوكة .
ثم بين عشية وضحاها قد تُصبح مليونيرنًا تملك السيارات الفارهة باهضة الثمن وتُحيط بك حاشية ( ابشر طال عمرك ) ممن ينظرون لما تجود به عليهم ، وتُقام على شرفك المناسبات وتفتتح المعارض وتُهدى لك الهدايا ومعها شيك بقيمة إعلانك ، لتتحدث عنه في نهاية يومك عبر سنابك المليوني وتُقسم أيمانًا مُغلظة أنك لم ترى كهذا المُنتج مثيل ! وأنت كاذب وتعلم أنك كاذب .
وقد يصل بك الحال إلى مهارة كتابة السيناريوهات بمساعدة فريق ( سَم ) فتصنع منك بطلًا للمواقف التي لا يتصدرها إلا أمثالك من أصحاب (الفزعات )رائدًا من رواد الأعمال التطوعية التي لا تكون إلا بحضور الكاميرات ليراها الملايين في ذات اللحظة وكأنك تقول لهم ( شوفني كيف أنا إنسان أحب الخير ) .
لكن من النادر نجد الأضواء تُحيط بنبلاء المجتمع وأهل الخير الذي يبذلون في الخفاء ما لايعلمه إلا الله ورغم أنهم يملكون من رؤوس الأموال ما يجعلهم يتصدرون الخارطة الاقتصادية ، ومن الثراء ما لا يُدركه حديث النعمة نجدهم يرفضون الظهور والحديث عن أفعالهم النبيلة لأنهم يؤمنون أن من يبذل لله يجب أن يكون بينك وبينه ، نجدهم يكفلون آلاف الأيتام ولا يعلم بذلك سوى الله يعمرون المساجد و يقومون على الأرامل والفقراء دون أن يعلم بذلك سوى المختصين بهذه المجالات ، وما يزيد الأمر فخرًا أنهم هم من يمنع ظهور أعمالهم للملأ .
وفي النادر أيضًا نجد الأضواء تُسلط على العلماء البارعين في مجالاتهم العلمية أو الأطباء الذين حققوا الإنجازات العالمية ، أو الأدباء والمفكرين الذي يملكون المحتوى الذي يؤهلهم لرفع راية الكلمة في زمن ( الهُراء ) بل أن كثير من إنجازات هؤلاء النُخب لا نقرأ عنها سوى في بعض المواقع العالمية المهتمة في مجالاتهم المُثمنة لإنجازاتهم ،
عجبًا لتلك الأضواء التي صدّرت من لايستحق ، وأقصت عمدًا أو جهلًا من هم أهلٌ لتصدّر المشهد ، إنها الأضواء العمياء التي ضلت طريقها فقدمت لنا و عثاء الطرح وكآبة الفكر ، حتى أصبح السائد شاذًا في غالبه ينبذه كل صاحب عقل رشيد ، وإن كان هناك من أنصف وقدّم ما يستحق التقديم لكنه قليلٌ حد الغياب .
همسة :
الأضواء تكذب أحيانًا .
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020