||
ضيف الله نافع الحربي
من الطبيعي أن تكون المُشكلات جزء من الحياة ، ولا أظن أن هناك من تخلو حياته منها ، وإن كان التفاوت وارد سواء في نوع المشكلة أو حجمها أو حتى قدرة هذا الشخص أو ذاك على التعامل معها ، و لكن العامل المشترك بين مُشكلات الحياة أن أغلبها يبدأ صغيرًا وربما صغير جدًا حد (اللا انتباه له ) ، ولو تم تدارك الأسباب مبكرًا لأصبحت السيطرة ممكنة للغاية ، لكننا ” نسوّف ” ونؤجل ونتجاهل ونُحاول بغباء الهروب من مشكلاتنا الصغيرة و لانعلم أنها تلاحقنا ويزداد حجمها وتتعقد بشكل يُفقدنا السيطرة عليها ، حتى لا نشعر إلا ونحنُ قد أحاطت بنا تلك المشكلة الصغيرة ( التافهة ) في بدايتها وقد اشتد ساعدها وبلغت سطوتها تغيير ملامح الحياة وربما تغيير مسارها السلس إلى طريق وعر مؤذي لسعادتنا .
ولأن تحويل المشكلة من بسيطة إلى مركبة يصعب التعامل معها يحدث بسبب تجاهلها منذ بدايتها ، و قد لا نشعر أن بعض ما يمر بنا ما هو إلا بذرة مشكة قابلة للنمو ، ومن تلك البذور التي تتسبب في كثير من المشكلات ( عدم الاستماع ) للآخر الذي قد يكون شريك حياة أو عمل سواء بشكل مؤقت أو دائم ، متجاهلين المطالبات المتكررة التي قد تصل حد الرجاء ما يتسبب في التباعد وعدم التفاهم وعُقم الحوار وقلة جدواه ، ولأن الاستماع مشاركة روحية وإنسانية تترك أثرًا بالغًا في القلوب نجد أن من ( يبحث عن مستمع ) في غالب الحالات هو لايبحث عن حل أو الوصول إلى حل بقدر البحث عن شخص يشاطره الحِمل الذي أثقل قلبه أو روحه ، ويكفي من الإنسانية أن نقف إلى جوار أحدهم ونمد له اليد الحانية التي تُلامس أوجاعه وكأنها البلسم ، وتشد على ضعفه بلين ليستمد قوته من صدق الوقفات ويستشعر وجودنا من أجله .
جميعنا بحاجة لمن يستمع وجميعنا بحاجة لأن نستمع ، ولكل منها لذة وعائد معنوي على حياتنا ، فحين نستمع لمن يحتاج منّا الاستماع نُشعره بالأمان وحين نجد من يستمع لنا نشعر أننا بخير بوجود من أدرك حاجتنا الخفية التي لا نجهر بها إلا في أضيق الحالات ولا نُبديها إلا لمن نعلم يقينًا أنه هو من يسد تلك الحاجة ولا أحد سواه من البشر ، ولنعي جيدًا أن ثقافة تلمس احتياج الآخر لا يُتقنها إلا من ارتفع عاليًا بروحه العامرة بالاحتواء وهذا هو السمو الإنساني الذي يراقي بصاحبه عاليًا .
همسة ؛
الاستماع للآخرين واجب إنساني
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020