||
الكاتب : ضيف الله نافع الحربي
ما بين الرعب الذي جعل العالم يجثو على ركبتيه ، و بوادر انتصار الإنسان على وباء العصر قرابة ٢٤ شهرًا ، لكنها في لغة الخسائر البشرية والمادية التي تكبدها العالم تفوق هذا الرقم بكثير ، فوفاة ٤ مليون إنسان منذ بدء الجائحة على مستوى العالم وإصابة أكثر من ٢٤٠ مليون ، وفقدان الملايين حول العالم لوظائفهم والكساد الاقتصادي الذي شل عصب الحياة جميعها خسائر فادحة وفادحة جدًا ، جعلت الدول تُعيد النظر في سياساتها الاقتصادية والأفراد يتهيئون لحياة مابعد كورونا ، والمختلفة تمامًا عما قبلها ومن لم يُهيئ نفسه للتغير الجديد فلن يستطيع مواصلة الحياة بأمان ، و أول التغيرات التي سيشهدها العالم على مستوى المؤسسات أو الأفراد ( غلاء الأسعار ) .
الذي سيفرضه واقع التعافي الاقتصادي والذي يتطلب تعويض خسائره التي تكبدها خلال الجائحة ولن يُستثنى من ذلك أي منتج بدءًا من الضروريات مرورًا بالكماليات وانتهاء بالترفيه والسياحة ، وهذا واقع فرضه الواقع الجديد ، وليس بمقدور الدول التنازل عنه لاسيما خلال السنوات الثلاث القادمة على أقل تقدير ، يحكم طول مدة التعافي قوة سياسات الدولة واستراتيجياتها الاقتصادية ،والدول الذكية هي من تتبني استراتيجيات امتصاص التبعات العكسية على أصحاب الدخل المحدود من خلال الدعم المقطوع لهم ، ومن التغيرات التي نقف على مشارفها تغير الحياة الإجتماعية فالفترة الماضية كانت العُزلة جزء منها لاسيما فيما يتعلق بالإجراءات الإحترازية والتباعد وغياب مناسبات التواصل والإقتصار على التواصل الأثيري والإلكتروني ما جعل كثير من الناس يعتاد عليه ويقدمه كأولوية في تواصله مع الآخرين ، وهو ما يهدد النسيج الإجتماعي المترابط بالتواصل قبل جائحة كورونا . كما أن أسلوب الحياة صحيًا وتعليميًا وثقافيًا سيشهد تغييرات ربما تكون جذرية لدى البعض لاسيما أن الإعلام بكافة أدواته و وسائله كان قريبًا جدًا من الناس أثناء الجائحة بل أقرب من أي وقت مضى وترك أثرًا لايستهان به سينعكس على أسلوب الحياة و على لقناعات الشخصية التي ستتغير حتمًا عن ذي قبل .
ولعل السؤال الذي يتبادر لأذهان البعض متى تبدأ مرحلة الحياة بعد كورونا ؟ و الحقيقة أن المرحلة بدأت تدريجيًا منذ أشهر في كثير من الدول وأول تلك الدول المملكة العربية السعودية فنحن اليوم نعيش مرحلة مابعد كورونا لاسيما بعد العودة للحياة الطبيعية بشكل كبير ، وهذا بفضل الله ثم بفضل الجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة في تجربة فريدة يُحتذى بها حين جعلت الدولة الإنسان أولًا ، ومع هذه المرحلة علينا أن نتعايش مع الواقع بفكر ملائم لمتطلبات الحياة الجديدة حتى لا نصطدم بوهم العودة لما كُنّا عليه قبل كورونا .
همسة ؛
وداعًا كورونا .
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020