||
الكاتب : ضيف الله نافع الحربي
تبًا لنا حين نقرأ الآخرين قراءة خاطئة ، ثم نعاملهم وفق تلك الاستنتاجات اللامنطقية ، ونجعل الصور الغير دقيقة الملتقطة لهم تتراكم بداخلنا ، ثم تتسع الفجوة يومًا بعد يوم إلى أن نُصبح غُرباء نستظل سوء الظن ونتسلح بالعجلة المنبوذة ، ولو نظرنا في أنفسنا و من حولنا لوجدنا أن إلصاق التهم جُزافًا وعدم التثبت قبل إصدار الأحكام أصبحت سلوكيات شبه سائدة ، ما يوسع دائرة الضرر على المستهدفين الأبرياء ، وهذه هي صفات العقول الفوضوية التي لا تتعامل بالحكمة ، وفي الوقت ذاته هي من علامات النفوس والقلوب المريضة التي ترغب في تشويه الجميل ، وتمزيق الأواصر الإنسانية بين الناس ، ما يجعل الحياة تبدو موحشة يملؤها السلوك الإنساني الأشد قبحًا ، ويزداد الأمر سوءًا حين نعتمد على كلام أطراف معينة ضد آخرين ، ونبني تصوراتنا عنهم بناء على ( ما سمعنا ) لا ما رأينا و( لمسنا ) ومثل هذا ظلمٌ للنفس وإنهاك للذمم وتدمير للعقل الذي يحثنا على التروي والتثبت قبل أن ناخذ المواقف أو نتبنى الأحكام لاسيما فيما يتعلق بعلاقاتنا مع الآخرين .
بقليل من التروي و بعيدًا عن العجلة والإستعجال واستباق الحقيقة بإصدار الأحكام نستطيع أن نلغي الكثير من مشاكلنا ، و نقلص مساحات الخلاف والإختلاف التي أصبحت شاسعة وشائكة في حياة الكثير من الناس ، الأسباب وراء مثل هذا عديدة والمُسببات تعود لغياب ( التروي ) حتى تتضح الصورة .
ذات يوم دخل أحد الأطباء للمستشفى بعد أن تم استدعاؤه على عجل فواجه قبل دخول غرفة العمليات والد المريض وصرخ في وجهه لماذا تأخرت ألا تعلم أن ابني في خطر ، أليس لديك إحساس ، ابتسم الطبيب وقال له إهدأ ودخل غرفة العمليات وأجرى العملية ، وعند خروجه طمأن والد المريض بنجاح العملية ثم قال أعذرني فأنا على موعد آخر وغادر ، خرجت الممرضة وقال لها والد المريض مال هذا الطبيب المغرور ؟ قالت له لقد وصله خبر وفاة إبنه وكان ذاهب له ، ولكن حين تم استدعاؤه جاء لينقذ ابنك وهو ذاهب الآن لدفن ابنه ، قصة ربما سمع بها الكثير منّا ، لكنها تحمل لنا درس حياة غاية في الأهمية ، أن ما يظهر لنا ويتضح قد لايمثل ما خفي في صدر هذا الإنسان أو ذاك ، وأنه علينا أن نحترم صمت البعض الذين لا يفضلون الحديث وأن لا نفسر ما لايروق لنا ظاهره وفق ما تشتهيه ظنوننا السيئة ونفوسنا الأمارة بالسوء .
همسة :
اسأل نفسك كم شخص في حياتك رسمت له صورة غير حقيقتة ؟ ثم ابحث في تلك التصورات فرُبما كانت خاطئة .
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020