||
الكاتب : ضيف الله نافع الحربي
عبارة من كثر مرورها على أسماعنا لم نتأملها بالقدر الكافي الذي يمكننا من استشعار دفئها ،رغم الكم الكبير الذي تحمله من اللطف ، هي عبارة لايقولها إلا مُحب وتُقال إلا بصدق ، هي عبارة الأم لإبنها حين تخشى عليه ، هي عبارة الإنسان حين يخاف على الإنسان ، وهي علامة التحذير من الخطر ، وهي الأفق الآمن الذي يصنعه التواصي الإيجابي بين الناس ، وهذا ما نفتقده كثيرًا في وقتنا الحاضر ليس لسوء الناس وانعدام الخيرية بينهم لكنه الإنشغال بالنفس أو بالمحيط الصغير المحدود الذي حصرنا أنفسنا فيه ، وبالتالي إزدادت دائرة المسئولية ضيقًا حتى أصبح البعض لا يبالي بغيره إلا قليلًا ، وما هذا إلا مؤشر خطير لبدء تفكك العلاقات الإنسانية خارج ( صلة القرابة أو الصداقة) فثمة علاقات أُخرى تربطنا بالآخر تحتم علينا أن نكون أكثر حرصًا وأكثر قربًا من مصالح غيرنا .
ماذا لو شاهدت إنسان لاتعرفه شارد الذهن يهم بعبور شارع مزدحم بالسيارات ، هل تدير ظهرك له أم تنبهه ليشعر بالخطر المحيط به ، و تنقذ حياته ، دون شك أنك ستفعل ذلك دون تفكير أو تردد ، لأن الموقف هنا يتطلب منك أن تكون حاضرًا بإنسانيتك فقط ، وفي ذات سياق هذا الإستشهاد العملي ، كم من شخص حولنا نرى أنه على وشك خطر مُحدق ، أو يسير في طريق خاطئ ، أو يمارس سلوك قد يضر به ، يحتاج منّا أن نقول له ( الطريق خاطئ وقد لاتعود ) وكم من شخص مندفع يحتاج منّا أن نقول له ( على مهلك حتى لا تندم ) وكم من شخص سيئ يحتاج منّا أن نقول له ( هذا السوء لا يليق بك ) ، عبارات بمثابة وقفات لو طبقناها في حياتنا لأصبحنا وغيرنا بخير ، قد يأتي من يقول ماذا لو قوبلت بالصد والزجر والمنع من التدخل في شؤون هذا أو ذاك ، و هذا أمر وارد لاسيما أن ثقافة المجتمع اليوم لا تتقبل مثل هذا وتصفه ( باللقافة ) أو تنظر له بمنظور عكسي ، وحتى نتغلب على هذا الحاجز على الجميع مسئولية كسر الحواجز مع الآخر ، والتي أصبحت ذات أسوار عالية حتى مع ذوي القربى ، والإبتعاد عن أسلوب النصح والوصاية ، ولتحل محل ذلك ثقافة الحوار ولغة اللين وإظهار الحرص وحب الخير لهذا الشخص لتحقيق القيمة الحقيقية لخوف الإنسان على الإنسان ، لأن روح المشاعر الإنسانية تتجلى من خلال العطاء المجرد من المصالح ، والمنفعة العامة تتحقق حين تكون القلوب متعانقة وإن كان لايربطها سوى الخوف على بعضها البعض .
همسة :
ما أجمل الإنسان حين يخاف على الإنسان .
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020