||

على مهلك

12 أغسطس، 2021

الكاتب : ضيف الله نافع الحربي

 

عبارة من كثر مرورها على أسماعنا لم نتأملها بالقدر الكافي الذي يمكننا من استشعار دفئها ،رغم الكم الكبير الذي تحمله من اللطف ، هي عبارة لايقولها إلا مُحب وتُقال إلا بصدق ، هي عبارة الأم لإبنها حين تخشى عليه ، هي عبارة الإنسان حين يخاف على الإنسان ، وهي علامة التحذير من الخطر ، وهي الأفق الآمن الذي يصنعه التواصي الإيجابي بين الناس ، وهذا ما نفتقده كثيرًا في وقتنا الحاضر ليس لسوء الناس وانعدام الخيرية بينهم لكنه الإنشغال بالنفس أو بالمحيط الصغير المحدود الذي حصرنا أنفسنا فيه ، وبالتالي إزدادت دائرة المسئولية ضيقًا حتى أصبح البعض لا يبالي بغيره إلا قليلًا ، وما هذا إلا مؤشر خطير لبدء تفكك العلاقات الإنسانية خارج ( صلة القرابة أو الصداقة) فثمة علاقات أُخرى تربطنا بالآخر تحتم علينا أن نكون أكثر حرصًا وأكثر قربًا من مصالح غيرنا .

ماذا لو شاهدت إنسان لاتعرفه شارد الذهن يهم بعبور شارع مزدحم بالسيارات ، هل تدير ظهرك له أم تنبهه ليشعر بالخطر المحيط به ، و تنقذ حياته ، دون شك أنك ستفعل ذلك دون تفكير أو تردد ، لأن الموقف هنا يتطلب منك أن تكون حاضرًا بإنسانيتك فقط ، وفي ذات سياق هذا الإستشهاد العملي ، كم من شخص حولنا نرى أنه على وشك خطر مُحدق ، أو يسير في طريق خاطئ ، أو يمارس سلوك قد يضر به ، يحتاج منّا أن نقول له ( الطريق خاطئ وقد لاتعود ) وكم من شخص مندفع يحتاج منّا أن نقول له ( على مهلك حتى لا تندم ) وكم من شخص سيئ يحتاج منّا أن نقول له ( هذا السوء لا يليق بك ) ، عبارات بمثابة وقفات لو طبقناها في حياتنا لأصبحنا وغيرنا بخير ، قد يأتي من يقول ماذا لو قوبلت بالصد والزجر والمنع من التدخل في شؤون هذا أو ذاك ، و هذا أمر وارد لاسيما أن ثقافة المجتمع اليوم لا تتقبل مثل هذا وتصفه ( باللقافة ) أو تنظر له بمنظور عكسي ، وحتى نتغلب على هذا الحاجز على الجميع مسئولية كسر الحواجز مع الآخر ، والتي أصبحت ذات أسوار عالية حتى مع ذوي القربى ، والإبتعاد عن أسلوب النصح والوصاية ، ولتحل محل ذلك ثقافة الحوار ولغة اللين وإظهار الحرص وحب الخير لهذا الشخص لتحقيق القيمة الحقيقية لخوف الإنسان على الإنسان ، لأن روح المشاعر الإنسانية تتجلى من خلال العطاء المجرد من المصالح ، والمنفعة العامة تتحقق حين تكون القلوب متعانقة وإن كان لايربطها سوى الخوف على بعضها البعض .

همسة :

ما أجمل الإنسان حين يخاف على الإنسان .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

رأي المصداقية

1 يناير، 2021
رآي المصداقية

  كان حلما يراودنا منذ...

كتّاب المصداقية

23 أكتوبر، 2025
نصفك الأسود

ضيف الله نافع الحربي  ما...

15 أكتوبر، 2025
من جدة إلى كأس العالم

ضيف الله نافع الحربي  من...

9 أكتوبر، 2025
أخطر العقود “أنا وأنت معًا”

ضيف الله نافع الحربي  رابط...

2 أكتوبر، 2025
اقرأ لتكبر

ضيف الله نافع الحربي  لا...

أوراق أدبية