||
الكاتب : ضيف الله نافع الحربي
لكل مجتمع عاداته وتقاليده التي تناسبه و تُميزه ، وإن كان قد تراها بعض المجتمعات الأخرى غريبة أو لا تُناسب ماهم عليه ، لكن بشكل عام على مستوى المجتمع العربي من الخليج إلى المحيط هناك قواسم مشتركة في بعض العادات والتقاليد وإن تخللها بعض الفروقات والتباين وفق المعتقدات الحياتية والظروف المعيشية والاجتماعية من شعب لآخر ، وربما خصوصية رمضان لدى المسلمين بشكل عام يجعل من الشعوب أكثر قُربًا وتقاربًا من خلال عادات هذا الشهر الفضيل ، فعلى سبيل المثال يحرص بعض الشعب الموريتاني على حلق الرؤوس حلقًا كاملًا ليلك رمضان مع ختم القرآن كل ليلة كعادة متوارثة في ذلك البلد الذي يقع أقصى عالمنا العربي ، وفي باكستان البلد الإسلامي على سبيل المثال يقام حفلًا في أول أيام رمضان يشبه حفلات الأعراس احتفالاً وتشجيعًا للأطفال الذين يصومون للمرة الأولى ، وفي أندونسييا ( البلد الإسلامي الأكثر من حيث عدد السكان تُقرع الطبول وتعطل المدارس ، وفي السودان تُجدد أواني المطبخ ويتم تدريس التجويد للنساء والفتيات نهار رمضان ، وهكذا لكل بلد عاداته وتقاليده الخاصة ، وحالنا في السعودية كحال بقية البلدان الإسلامية لنا عاداتنا الجميلة في رمضان التي تعزز الترابط الأسري و الإجتماعي لاسيما في شهر رمضان .
تعودت الأسرة السعودية في رمضان على الاجتماع حول مائدة افطار واحدة ، سواء على مستوى الأسرة أو حتى على مستوى الأقارب وأبناء العمومة طيلة شهر رمضان المبارك وربما أعد البعض منهم جداول طيلة الشهر يتم من خلالها توزيع نصاب كل فرد من الأيام التي يتولى فيها تفطير البقية ، حتى أن جملة ( الفطور عندي ) أصبحت جزء من عادات وكرم الشعب السعودي الذي عُرف عنه الكرم العربي الأصيل مع القريب والغريب وعابر السبيل وهذا مما نفخر به ولله الحمد ، و في رمضان تحديدًا تتجلى مثل هذه الومضات المشرقة بشكل أكبر ، ولأن رمضان العام الماضي افتقد هذه العبارة بحكم الحظر المفروض آنذاك، إذ أن عقوبة ( الفطور عندي ) تصل عشرة آلاف ريال بسبب الحظر ، أما هذا العام وقد عادت الحياة وعادت ( فطوركم عندي ) وعسى أن يكون ( العود أحمد ) وإن كان غالب الظن أنها ساهمت في ارتفاع عدد حالات الإصابة التي شهدت ارتفاعًا ملحوظًا كسر حاجز الألف إصابة يوميًا ما جعل أصوات التحذير الرسمية ترتفع ، رُبما يتفق معي الكثير أن عادة افطار الأهل والأقارب في رمضان مع بعضهم البعض تبشر أن المجتمع بخير وأن وصل الرحم وصلتها على مايرام وهذا سينعكس إيجابًا على تماسك النسيج المجتمعي ، ولكن علينا تهذيبها ( وأقصد موائد الافطار العائلية والجماعية ) فثمة إسراف يُمارس بسبب مثل هذه التجمعات ، ونساء صائمات في المطابخ يقضين الساعات الطويلة لتحضير مائدة تبيض وجه فارس ( الفطور عندي ) ما يُثقل عليهن بشكل قد يفوق البعض منهن ، إضافة لما قد ينتج عن ذلك من التكليف على أصحاب الدخل المتواضع الذين يقعون بين ضيق الحال و حرج الاعتذار من المشاركة في مارثون الافطار الجماعي طيلة الشهر الكريم لذا علينا أن لانصنع من القيمة الجميلة التي تعودنا عليها عقبة قد تجعل منها عبء على الآخرين .
همسة ؛
لنجتمع على مائدة واحدة ولكن دون أن يترتب على ذلك أعباء أو تكاليف أو إسراف .
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020