||
الكاتب : ضيف الله نافع الحربي
في السنة الثانية من الهجرة النبوية الشريفة فُرض الصيام على أمة محمد صلى الله عليه وسلم كركن من أركان الإسلام ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَىٰ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ وكان قد فُرض من قبل ذلك على أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، لكن صيام الإسلام مختلف عما كان مفروض على الأمم السابقة ، فصيام الإسلام هو الإمساك طواعية عن الأكل والشرب وملذات الجسد من الفجر إلى المغرب بمتوسط ساعات تتجاوز ١٢ ساعة تقريبًا ، أي ما يقارب نصف اليوم ، وهنا يتجلى إيمان المؤمن لأن هذه الشعيرة تحديدًا لا تقبل الرياء أو التزييف والكذب ، فمن أراد نقض صيامه سرًا لن يعلم عنه أحد سوى الله ، ومع هذا نجد المسلمين يبتهجون بقدوم هذا الشهر ويحتفلون به ويُعدون له العدة ابتغاء مرضاة الله ، فحتى مع شقاء الحياة وظروف عمل الكثير من المسلمين أثناء النهار إلا أنهم يصبرون على جفاف العروق وفراغ البطون وما يتبعه من جهد و وهن ومع هذا يتلذذون بهذه العبادة التي يعلمون جيدًا أنها بينهم وبين خالقهم لا شأن للناس بها ، وما أجمله من صبر وتحمل حين يكون حسن الظن بالله جزء منه ولاهدف آخر من وراءه سوى الجنة التي أُعدت للمتقين .
نحن اليوم في اليوم الثالث من شهرنا المُبارك ، والحمدلله أن مُنحنا فرصة بلوغ الشهر ، وأدركنا صيامه ، كل ما علينا هو استشعار هذه النعمة والعمل على إبراز أثر الصيام في سلوكنا وتعاملنا ونوايانا وأحاديثنا وعباداتنا واجتهادنا في سُبل الخير بما نستطيع ، فالصيام إمساك عن الطعام وتمسك بخصال المسلم ، وقيام والتزام بكل ما من شأنه تعديل الإعوجاج وتهذيب النفوس وصقلها لتبدو أبهى وأسمى ، نحتاج في هذا الشهر مزيدًا من الخلوة بالنفس ومراجعة الأمس ، نحتاج مزيدًا من البقاء مع القرآن مُتدبرين لا عابرين نسابق الصفحات لنقول ” ختمنا القرآن ” ، يقول الشيخ على الطنطاوي رحمة الله عليه (( رمضان نور على المآذن ونور في القلوب وإن كان العمر كله للجسم فرمضان للروح ” ، فهل سنبخل على المساحة الخصبة منّا ( أرواحنا ) بهذا الغذاء الوجداني الرباني على مدى ٣٠ يومًا ! ربما يقول قائل كيف أُسقي الروح من هذا الشهر الكريم ، وهنا أقول له لا تفعل شيء فقط إبدأ بك تصالح مع ذاتك حتى لايقع في نفسك شيء من عدم الرضا ، ثم تسامح وسامح حتى لايبقى في قلبك مثقال ذرة من حقد أو انتقام أو غل ، ثم افعل ما استطعت من العبادات والطاعات و سلك سبل الخير ولو بجهد المُقل ، ثم أبشر بالخير من رب الخير في شهر الخير .
همسة :
رمضان محطة قد تغيّر قادم أيامك للأجمل والأسعد والأفضل .
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020