||

بعض الأشياء

8 أبريل، 2021

الكاتب : ضيف الله نافع الحربي

تفقد بعض الأشياء قيمتها حين تكون بمقابل لاسيما فيما يتعلق بالشعور والتعامل والعطاء ، فرونق ما نقدم أن يكون خالصًا لا ابتغاء من وراءه إلا البر بمن قُدم له ، ولأن مفهوم العطاء الخالص بدأ بالتلاشي في زمن الماديات ، وأصبح الجميع يبحث عن المكاسب قبل خوض أي تجربة إنسانية ما أفقد الأشياء الفطرية الجميلة لذتها النابعة من سمو ونبل الإنسان الحقيقي الذي يعتقد أن جزء من سعادته إضفاء السعادة على الآخرين ، لأنه باختصار لا سعادة تتحقق مالم يكن الآخر جزء منها ، يقول المثل الصيني ( يلتصق أريج الزهرة باليد التي تقدمها ) وهنا تتجلى الثمرة الناضجة للعطاء ، و بالفعل القيمة الحقيقية للمقابل هو ما يبقى لدى من يبذله ويبلغ عمقه بقدر صدق النية وسلامة المقصد من وراءه .

و بعض الأشياء كما قيل لانشعر بقيمتها الحقيقية إلا حين تُغادرنا ، ويزداد الشعور بقيمتها و يتضاعف الألم بعد فقدها لاسيما حين يكون وراء ذلك الفقد تفريط أو إهمال أو عبث أو لامبالاة ، ومن أراد أن يلمُس من ذلك شيء فليستمع لتنهيدة من خيم عليه الفقد ، وأصبحت الأماكن التي كانت تمتلئ بما لايعوض خاوية تمامًا ، ليُدرك أن فقد الأشياء ثقيلٌ على صاحبه وقد يقصم ظهر سعادته فلا تنهض مرة أخرى ، ولنا في الحياة قصص وعبر قد لا تروى على الأشهاد لكنها تُقرأ في عيون من فرّق بينهما الطلاق دون سبب مقنع أو مبرر مُشبع ، أو حزن الأصدقاء الذين كُسرت بينهم كؤوس الصداقة لأتفه الأسباب فتطايرت العشرة في الأرجاء وكأن الوفاء قد أصبح أسطورة لا تتجاوز صفحات الكتب ودواوين القصائد .

أما بعض الأشياء تتشوه حد النفور حين يتم تضخيمها وتُعطى أكبر من حجمها ، فينعكس ذلك على أصحابها الذين يلهثون وراء ذلك الوهم إما بالعمل للحصول على ماليس مستحق أو بالرضا عن هذا السلوك القبيح
لأن القناعة وصلت لدى البعض منهم أدنى مستوياتها ما زاد نهم الركض وراء الغير مستحق ومحاولة الانتساب له ، فذاك أصابه جنون نهم الألقاب ( أديب – إعلامي – مستشار – كاتب – شاعر ) وهو لايملك شيئًا مما يؤهله لهذه المسميات الواسعة جدًا عليه ، ما يجعله يتعثر في اللباس الذي لم يُصنع له ما يجعله غير لائقًا عليه ! ولنا في مواقع التواصل ما يندى له الجبين ، حتى أصبحت بعض تعريفات المعرفات ( لاتتسع لحرف آخر ) بسبب كثرة الألقاب المسرودة في أعلى صفحاتهم ، متجاهلين أن الإنجاز الحقيقي هو أن تعرف جيدًا حجم نفسك ولاتقبل عليها ما ليس لها ، فالناس لن يعترفو إلا بما تُقدم ويملأ قناعاتهم بما لديك حينها هم من سيقلدونك اللقب المستحق ، أضف لذلك أن المبدع الحقيقي الذي لديه ما يقدمه لن يلتفت لبريق الألقاب أو تصفيق الإعجاب والذي في غالبه مدفوع الثمن أو مرصود له المقابل بالمثل .

همسة :

كن جزء من البعض الأجمل للأشياء .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

رأي المصداقية

1 يناير، 2021
رآي المصداقية

  كان حلما يراودنا منذ...

كتّاب المصداقية

23 أكتوبر، 2025
نصفك الأسود

ضيف الله نافع الحربي  ما...

15 أكتوبر، 2025
من جدة إلى كأس العالم

ضيف الله نافع الحربي  من...

9 أكتوبر، 2025
أخطر العقود “أنا وأنت معًا”

ضيف الله نافع الحربي  رابط...

2 أكتوبر، 2025
اقرأ لتكبر

ضيف الله نافع الحربي  لا...

أوراق أدبية