||
ضيف الله نافع الحربي
الرحيل بكل صوره ودرجاته و حتى أصغر تفاصيله موجع ، ومن الصعب مروره مرور بقية الشعور الذي يوجه الإنسان في حياته ، لاسيما حين يكون ذلك الرحيل لقريب أو عزيز أو صديق أو شخص له أثر وتأثير أو بصمة على خارطة الإنسانية ، ولأن حجم ألم الرحيل مقترن بالعلاقة الإنسانية العميقة بين الإنسان والإنسان وإن لم تكُن هناك صلة قرابة أو معرفة مباشرة بينهما ، عم شعور الحزن قلوب المحبين والمتابعين والمعجبين بفارس الكلمة وسيد الشعر والشعور الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن غفر الله له ورحمه ، حين استيقظ الشعر على مصابه الجلل بفقد سيد من ساداته ومجدد من أهم المجددين للشعر الحديث ، الشاعر الذي قيل فيه وعنه مالم يكن لغيره من فرسان الكلمة ،
لم يكُن صباح السبت الماضي عاديًا ، ولم يكن تفاعل الشريحة الواسعة من المجتمع مع خبر رحيل البدر عاديًا ، بل أني لا أذكر تفاعًلا في حدث مشابه لأديب أو شاعر أو شخصية جماهيرية كما وجدت التفاعل الحزين مع وفاته رحمه الله ، وفي هذا إشارة للأثر الذي تركه البدر في القلوب ، الأثر الإنساني الذي خلّده تعامله وأخلاقه و كاريزما ظهوره التي ستبقى راسخة في قلوب وذاكرة الناس طويلًا ، أو حتى من خلال الأثر الثقافي والأدبي والإرث الشعري النادر الذي تركه من بعده ليتحدث عنه طويًلا ، و ستردده قلوب المحبين نيابة عنه ، والمُلفت في شعر البدر بكل أنواعه الشعرية ، أنه شعر متزن عميق عذب ، لم يخدش مبدأ أو يجرح ذائقة أو ينتهك قيم ، وهذا ما جعل منه بدرًا حقيقيًا يُمد الحياة بالضوء في أحلك الليالي ظلمة .
إنهم العظماء ، حتى في رحيلهم ، يخبروننا أن ما بعد الرحيل هو النجاح الحقيقي والأثر الأبقى ، وقد كان بدر بن عبدالمحسن رحمه الله نموذجًا وطنيًا وأدبيًا في حياته ، رمزًا خالدًا في ذاكرة القلوب بعد رحيله ، ونسخة إنسانية يصعب تكرارها .
همسه ؛
قال البدر قبل رحيله ليختم حياته بإبداعه المعهود :
لابدها ياسعود بتغيب شمسي
ذي سنةٍ رب الخلايق فرضها
و لعلها حريتي بعد حبسي
و لعلي ألقى عند ربي عوضها”
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020