||
ضيف الله نافع الحربي
في ظل جرأة التقدم التقني الذي لم يعد يقتصر على النقل الحي للصوت والصورة والمحتوى بكافة صيغه ، أصبحت الحقيقة الصلبة قابلة للتزييف ، حتى أن المحتوى المنقول الذي كان محل الثقة بنسبة عالية تكاد تقترب من التمام أصبح أقرب للتزييف منه للواقع ، فالأمر أصبح اليوم مختلفًا فما تراه خلف الشاشة الذكية وهو يشع بريقًا وحيوية ونظارة قد تكون حقيقته مليئة بالتجاعيد والندبات وآثار الزمن الذي صال بملامحه وجال ، بفضل تقنية الفلاتر التي أظهرت الحسن وأخفت القبيح الذي يخشاه مهزوز الثقة أو فاقدها ، لكن هذا ليس محور حديثي تحديدًا و المرمى أبعد من هذا ولكن ليس بالبعد الشاسع .
ولأن الشيء بالشيء يذكر فالحياة تنقل لنا الصورة كما هي دون تزييف أو تعديل أو تغيير ، الحياة ستقدمك للناس بلا فلاتر ، ستقول لهم هذه طباعه وهذا تعامله وتلك إنجازاته ومسيرته ، ولن تجد من يُقدمك بما ليس لك منه نصيب ، ستقدمك الحياة للناس بقدر ما تمتلك من ثقة بنفسك وقدراتك ، ولن تجد بين يديك شاشة ملساء تحركها بطرف أصبعك يمينًا ويسارًا حتى تصل إلى الفلتر الذي تعتقد أنه سيبعد الناس عن الحقيقة التي أنت عليها . إنها الحياة الصادقة العادلة القاسية المُنصفة التي لاتبخس الناس حقوقهم ولا ” ترز ” هزيلًا عاجز عن الوقوف والمسير .
وفي الوقت ذاته فالحياة ستأتي لك بحقيقة من حولك ، وبما هم عليه ولن تجد نفسك في حيرة أو التباس ، سترى الناجح بنجاحه وترى الصادق بصدقه ، وترى المُحب بأفعاله بعيدًا عن الأقوال المثقوبة ، حتى وإن وجد من يحاول أي يلوي الحياة على أهواءه فلن تنحني له من أجل إرضاء هواه ، فكل شيء ينطق صدقًا ، والأيام كفيلة بكشف أهل الكذب وإن طالت حبالهم وأهل الزيف وإن استفحل خداعهم لأن الحياة بلا فلاتر .
همسة :
ما أصعب أن تكون مزيفًا .
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020
ومهما كان للإنسان من خلق فظن أنه يخفى على الناس علم ولم يَخْفَ، …وتحرير المعنى: أن الأخلاق لا تخفى والتخلّق لا يبقي.
مهما تَكُن عِندَ اِمرِئٍ مِن خليقة
وإن خالَها تَخفى عَلى الناسِ تُعلَمِ