||
ضيف الله نافع الحربي
إن كنت تعتقد أن هناك شخص مُلم إلمامًا معرفيًا كاملًا وشامل بكل شيء فأنت مؤمن بالنموذج الخارق للعادة والخارج عن المألوف الذي لم ولن يتحقق ، وعليك أن تعود إلى الواقع لتستوعب قدرات البشر وإمكاناتهم المحدودة في كافة الجوانب ، وأن تستوعب أن لكل إنسان مجاله وتخصصه واهتماماته التي قد يكون مُلمًا بها وقد لايكون ، ومن ادعى عكس ذلك فهو كاذب أشر يحاول أن يُضخم ذاته فوق رؤوس الجهلاء الذي يتبعون البريق دون التحقق أن كان نورًا أو نار ، نعم قد نجد مجتهد حريص على الاستزادة من كل علم وهذا أمر جيد لكنه ليس عالمًا و خبيرًا بكل ماهو مهتم به ، وعليه فهو في رتبة قارئ أو ناقل للمعرفة ليس إلا ، تستمع له وتحاوره وتناقشه وقد يُضيف لك كمًا من المعرفة التي اكتسبها ، لكن دوره يجب أن لايتجاوز ذلك ، وأن لا يُنصب نفسه خبيرًا يُفتي وينفي ويؤكد متجاوزًا أهل التخصص مستحوذًا على دور ليس دوره .
ولأننا اليوم نموج وسط حياة أُخرى تتصدرها مواقع التواصل والاتصال ، الذي يحوي ملايين العقول ذات الأفكار المتباينة ، أصبح ( الإدعاء ) أمر متاح لأصحاب الضمائر الميتة أو الهزيلة ، فهذا يدّعي أنه معالج شعبي توصل لعلاج لم يسبقه إليه أحد ، وذاك وصف نفسه بالمفكر ليهذي بما لايدري ، وآخر تصدر المشهد ليُشير ويستشار في الأمور الزوجية والأسرية يتهافت عليه الآلاف الذي يبحثون عن خيوط النجاة لحياتهم الخاصة التي عبثوا ، ليُغرقهم هذا المهرج بآراءه السامة !
عجبًا لمن لايحكم عقله ، ويعلم أن مواقع التواصل ليست موثوقة تمامًا ، وأن التخصص له أهميته العالية ، وأن لكل سؤال مكانه الآمن الذي يُطرح فيه ، فالطبيب مكانه المستشفى ، والمفتي مكانه دار الإفتاء والمستشار الأسري والمحامي في مكاتبهم ، وإن تواجدوا في موافع التواصل ، إلا أنه لكل حالة خصوصيتها و متطلباتها لذا اذهب للمتخصص في مكان اختصاصه لا في مواقع التولصل التي قد تزيف الأشخاص والحقائق .
همسة :
كُن حذر .
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020