||
ضيف الله نافع الحربي
لم يُلبث العالم طويًلا أثناء فترة التعافي الاقتصادي من جائحة كورونا التي قصمت ظهر الكثير من دول العالم ، حتى اعترض طريق الأمل مالم يكُن في الحسبان بعد أن قامت الحرب الروسية الأوكرانية التي هزت العالم مرة أُخرى ، بل اعتبر البعض أنها اسوأ حروب القرن الجديد ، إذا تمتد آثارها الاقتصادية السلبية لتشمل كافة الدول دون استثناء ، فروسيا دولة عظمى اقتصاديًا ولاعب رئيس في سوق الطاقة التي تُعد شريان الحياة للاقتصاد العالمي ، إذ تُعد أكبر مُصدر للغاز الطبيعي وتملك ثاني أكبر احتياط نفطي ويُقدّر ما تملكه روسيا أكثر من 30% من موارد العالم الطبيعية ، أما كميات القمح المشتركة مابين روسيا وأوكرانيا فتفوق ١٠٠ مليون طن ، مايعني أن التوقف ولو بشكل جزئي عن تصدير القمح سيضر بالأمن الغذائي العالمي لاسيما أن الاتفاق المُبرم العام الماضي شارف الانتهاء ، وهذا ساتأثر به شعوب العالم الأكثر فقرًاوسيلحق بها ضررًا بالغًا إن استمرت هذه الحرب التي لايعلم أحدًا كيف وإلى أين ستنتهي .
و مع انقضاء العام الأول على حرب روسيا التي ترى أن أمنها القومي في خطر وأوكرانيا التي يدعمها الغرب خوفًا من التمدد والتوسع الروسي ، لمس العالم التأثير البالغ على النمو الاقتصادي في كثير من الدول العظمى من خلال ارتفاع الأسعار الذي أثقل الطبقة الشعبية المتوسطة والفقيرة وارتفع على إثره معدل البطالة ، وقل التصدير وشح الاستيراد ، وسيبدأ جرس الخطر يدق بنغمة مرتفعة إذا ما استمرت الحرب أكثر من هذا وربما يكون عام 2023 عام الركود والتضخم والبطالة على مستوى العالم ، ما يتطلب تكاتف الجهود السياسية من كافة الأطراف المعنية لإنهاء الحرب وإعادة العافية للاقتصاد العالمي الذي أصيب بنكسة قبل أن تتم عافيته من نكسته الأولى .
أعتقد أن العالم اليوم أكثر ذكاءً ونضجًا و وعيًا من البقاء في موقف المتفرج السلبي الذي ينتظر مصيره السيئ دون أن يحرك ساكنًا ، لاسيما أن الحلول السياسية ممكنة ، والوصول إلى حل يُرضي كافة الأطراف ليس مستحيلاً مع إتاحة الفرصة للعقلاء سياسيًا للتوسط واقتراح الحلول وتقريب وجهات النظر ، وإبعاد كل من يضع الوقود على النار لتشتعل أزمة عالمية قد تكون حارقة ، والمملكة العربية السعودية بمكانتها المؤثرة و وعيها السياسي واستشعارها للمسؤولية تجاه الأمن العالمي أبدت استعدادها للتوسط بين كافة الأطراف وهي قادرة بإذن الله على إعادة الأمور إلى نصابها واستعادة العالم لعافيته قبل يُفقد الأمل ويُصبح العلاج أمرًا مستحيلا ، ولعل القادم القريب يشهد انفراج سياسي يبعث الأمل ليعود العالم آمنًا قويًا اقتصاديًا يوفر للبشرية متطلباتها .
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020