||
ضيف الله نافع الحربي :
لا أحبذ الحديث عن السلبيات ولا يروقني التطرق لها ، لأني أؤمن أن للحياة وجه حسن أحق بالحديث عنه ، ثُم أن الجزء المملوء من الكأس ثقافة إيجابية لا يتمسك بها إلا من استشعر قيمتها العالية ، ولكن هذا لا يعني أننا نعيش في مجتمع ملائكي لا يكذب ولايسرق ولا يُخطئ ، ولست بصدد تصنيف المجتمع وتحديد النسبة الأعلى إلى أين ستُشير ، للجميل الذي يروقني الحديث عنه أم إلى الجزء القبيح من السلوك والقلوب والتفاصيل المزعجة ، فصوت الحقيقة مرتفع حين يقول : في الحياة الخير والشر ، ومن الناس من يعمل للخير ويُنميه ومنهم من يُشعل الشر ويُغذيه ، ولكل منهم نصيبه مما يعمل عليه ، وكم هو مؤذي لروح الإنسان وكرامته أن يكون جزء من الشر ، مُعينًا عليه، مُناصرًا له عن قصد أو جهل ، قد يستنكر البعض أن هناك من يمارس الشر عن جهل ، لكن الحقيقة أن الكثير ممن نعتقد أنهم أشرار جهلوا كثيرًا عاقبة ما يفعلون ، وهذا ليس تقليل من حجم ما ارتكبوه من جُرم بحق أنفسهم وحق الآخرين بل هي الحقيقة التي جهلها من أغرقهم الشر وجرفتهم الحياة بسرعة لم تمكنهم من إدراك أن الشر الذي استهانوا به له عاقبة وخيمة وأن كل سلوك مؤذي يلحق بمن لا ذنب له لن تغفره الأيام .
ولأن وجود الشر كان مع بداية الإنسان ، إلا أنه تحور عبر الأزمان والعصور ، أما ثقافة الشر فهي ليست حديثة عهد بأربابها ، لكنها اليوم أصبحت أشد خطرًا بعدما غلفها البعض بمسميات أُخرى قد يتهيأ لدعاة الشر الذين يرغبون في تطبيعه أنها أخف حدة ، حتى أصبحت الأفعال الشريرة ذات رونق يتباهى به من أخذوا على عاتقهم هدم القيم والمبادئ وسحق الركن الجميل في فطرة الإنسان ” حُب الخير ” و” صحوة الضمير ” حتى لايقف أحد في وجه من أفسد علاقات الناس ببعضهم البعض مُدعيًا أنه ناصحٌ أمين ومُحذرًا فطين مستخدمًا أدوات الشر بيد لينة الملمس خبيثة المقصد ، أو في وجه من استهدف البيوت الآمنة بالتخبيب والتفريق والتشتيت مُدعيًا أو مدعية أنها لا ترغب إلا بحياة أسعد لها أو له ، أو حتى التصدي لمن أكل الناس بلسان الشر في غيابهم زورًا وبُهتانا ، هي فصول سوداء و وجوه تتلون حسب مصالحها وقلوب تتقلب على إيقاع الشيطان ، وما هذا إلا يسيرٌ من ثقافة الشر التي سكنت القلوب حتى شاخ الخير في أركانها وشب الشر في أرجائها ، وكأننا في زمن الخبثاء لاحياء لا نقاء ، رغم أن الخير لازال على قيد الحياة وأهله كُثر ، وحتى لا نكون جزء من الشر ، مُعيب لنا أن نصمت عليه أو نغض الطرف عن أصحابه وإن قربت صلتنا بهم أو اشتدت صداقتنا معهم ، فالحق أحق أن يقال وثقافة الخير أن نقول “لا ” لمن أرد شرًا .
همسة :
الشر ثقافة شيطانية لايتبناها إلا من تجرد من إنسانيته .
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020
احسنت استاذ ضيف الله فعلا ثقافة النشر هي عالم فسيح له اسرارة ورموزه قل من يجيدها ومن اجادها عشقها وابدع بعلمها تفنن بصناعتها