||
ضيف الله نافع الحربي
ليس من النُبل أن يفرّط الإنسان في مسؤوليته ، وليس من السهل تقبل التقصير على أنه جزء من الحياة يجب التسليم به والرضا ، لأنه خطأ موجه ، والخطأ الموجه هو في حقيقته تعمُد والتعمد هو الإصرار على إحداث الضرر وهنا تبدأ ملامح الجريمة النفسية بحق الإنسان ، وما أوسع دائرة الإهمال في حياتنا اليوم حتى رأينا العقوق في أقبح صوره و شاهدنا تمزق الحياة الزوجية التي عُقد رباطها بكلمة الله وشرعه ، وامتلأت دور الملاحظة بضحايا ه ، وهذا هو فقط المنتج النهائي الذي يُرى ويُقاس عليه تفشي هذه الظاهرة المجتمعية المؤسفة .
أما العدد الأكبر للمتضررين من تخلي الشخص عن مسؤوليته تجاه من هم مسؤولون منه فلم يعرف على وجه الدقة والتحديد ، بسبب الصمت النازف داخل الدور المغلقة والصدور المُقيدة بالخوف من المستقبل المجهول الذي يُهدد به من يمارس الإهمال كأسلوب تعنيف صامت ، فنجد أن الزوجة المغلوب على أمرها تتحمل الإهمال بكافة صوره المادية والعاطفية والإنسانية ، فتقف مكتوفة اليدين دون حراك وهذا مع الأسف يكون بمثابة الوقود الذي يزيد من وتيرة الضرر ، لأن الصمت و ( التحمل ) بحجة الحفاظ على الحياة لا يُجدي نفعًا ، بل فتح طرق الحوار ومحاولة الوصول لأعماق الطرف الآخر بهدوء لإيضاح الصورة من زاوية المتضرر يُسهم في توجيه بوصلة السلوك السيء إلى اتجاه إيجابي ، قد يأتي من يقول /تقول حاولت لكن ( الحوار لم يأتي بجدوى ) وهنا نقول له المحاولة وتكرارها أفضل بكثير من الصمت السلبي والموت البطئ تحت وطأة الإهمال .
نعم قد يكون من الصعب إثبات وقوع الإهمال لاسيما الإهمال العاطفي والنفسي ، لكن قوة الشخص وتمسكه بحقه العادل في الحياة رجل كان أو إمرأة كونه هو المتضرر كفيل بأن يتخذ القرار المناسب الذي يُخلصه مما يصعب عليه تحمله ، لأنه حياة الإنسان لاتستقر مع الإهمال والتفريط في المسؤولية ، والعاقبة المترتبة على الصمت والتحمل وخيمة وقد تتجاوز إلى الضرر الذهني والنفسي الذي يجعل من المتضرر شخص غير متزن نفسيًا ، والشواهد من واقع الحياة كثيرة، فكم من أشخاص أسوياء أدى بهم الصمت السلبي و الكتمان تحت أي مبرر إلى حالة نفسية سيئة استعصى على الطب تخليصه منه ليقضي بقية حياتة شخص مضطرب .
ثُم إليك أنت يا من أهملت وقصّرت وأضعت حقوق غيرك ، ألا تعلم أن أداء الإنسان لدوره في الحياة أمانة قبل أن يكون واجب يُحاسب عليه في الدنيا والآخرة ، ألا تعلم أنك ستبقى منبوذًا في قلوب من حولك وإن ابتسمت لك الوجوه خوفًا ، ولُبيت أوامرك خشية منك ، وأنك أصبحت في حياتهم شخصًا لاقيمة له بل أن ما يسعدهم هو رحيلك ، تأمل هذا وستجد أنه مؤلم جدا .
همسة :
الإهمال جريمة .
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020