||
ضيف الله نافع الحربي
بحكم طبيعة وطقس الجزيرة العربية قليلة المطر كان الآباء والأجداد يستبشرون بهطوله وينتظرونه وكأنهم ينتظرون الخير والرزق وتبدل الأحوال من حال إلى حال ، لأن مواشيهم ومزارعهم تعتمد بعد الله اعتمادًا كليًا عليه ، فكُتبت في المطر القصائد ويوصف بالخير والرحمة، وحين تستمع إلى أحد من ذلك الجيل وهو يروي تفاصيل سنوات المطر و ما يرافقها من ربيع وخير وسعة في الرزق ترى على ملامحه تفاصيل السعادة وكأن الزمن يعود به إلى تلك الحقبة الزمنية التي كان المطر فيها البشارة التي لا تعادلها بشارة والفرحة العظيمة التي تصل أعماقهم المُنهكة ، واليوم وقد رحل أغلب جيلهم وبقيت قصصهم تروى لتروي عطش المتعطشين لما كان وانتهى ، واليوم و قد تغير كل شيء وتبدلت الحال إلى الأفضل وعم الخير والرخاء وسعة الرزق ، لكن المطر لازال هو البشارة التي لم تهتز مكانتها ولم تتغير رتبتها في قلوب الناس .
ومع هذه الأيام الاستثنائية التي مضت وشهدت أمطار تاريخية على غالبية مناطق بلادنا الحبيبة التي أجمل ما تكون حين يهطل المطر ، شاهدنا فرحة الجميع واستبشارهم بأمطار الخير ، وأظهرت لنا مواقع التواصل حجم المشاعر الصادقة المبتهجة لشريحة كبيرة لا أبالغ إن قلت أنها تُعادل عدد السكان ، ولا غرابة ، فمن لا يفرح بالمطر ؟! فالمطر سيبقى كما كان بفرحته وطُهر لحظاته ورقة أوقاته . وإن افتقد لذة المفاجأة بحكم تطور أدوات تتبع حركة السحب و وسائل الرصد الحديثة حتى أصبح الجميع على علم بمواعيد المطر بعد مشيئة الله قبلها بأسابيع وربما أشهر ، ولكن في هذا ميزة لاسيما أن أخطار الأمطار اليوم أكبر من ذي قبل بحكم تواجد أعداد كبيرة من السكان داخل المدن ما يتطلب أخذ الحيطة والحذر وعدم الخروج أوقات الخطر ، فالشوارع قد تُصبح مدافن مائية إن فاق منسوب المياة قدرة البنية التحتية وقد رأينا بعض القصص المأساوية الناتجة عن المغامرة وعدم اتباع التعليمات والأخذ بالاعتبار التنبيهات والتحذيرات التي تبثها الجهات المعنية .
ولأنه المطر الذي يُلامس قلوب البشر قبل الأرض والحجر ، نفرح بهطوله ونستبشر به وكأنه الرحمة التي تحتاجها أرواحنا ، لذا كان أسبوعنا المنصرم أسبوعًا مميزًا مختلفًا بأيامه ولحظاته ، فعند المطر يطمئن الباحث عم الإطمئنان ويبحر المُتأمل في ملكوت الله ، لأنه مُلهم للعقول الخصبة ، وتبتل القلوب بالرقة وينمو الإبداع على إيقاع قطراته وهي تُعانق سفوح الأمنيات وكأنه البُشرى .
همسة :
المطر سمفونية عذبة تُغلّف الحياة بمعطف أنيق جدا
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020