||
ضيف الله نافع الحربي
الثقافة في مفهومها الشامل تُحيط بتفاصيل الإنسان إحاطة كاملة من المعتقدات إلى المعرفة إلى السلوك إلى الأثر الذي يصنعه إلى التغيير الذي يُحدثه ، وفي هذا مفهوم مختلف عن المفاهيم السائدة في مجتمعيًا حول تعريف الثقافة و وصف المثقف و هو التقييم الذي يعتمد غالبًا على كم المعارف التي يكتسبها هذا أو ذاك ، وربما هناك من يرى الدرجة العلمية ركنًا أساسيًا من أركان الثقافة لدى المثقف ، وهنا تفاوت وبين شاسع مابين الثقافة التي تبني السلوك و يتضح أثرها على صاحبها وما بين ما يُشبه مستودع المعارف والمعلومات التي يصاحبها لباقة الحديث ومهارة الإتصال التي تمكّن صاحبها من التسويق لذاته على أنه ( مُثقف ) ، و يتلقاه المُتلقي على أنه كذاك ، حتى شاع بيننا مفهوم خاطئ للثقافة والمثقف .
يُعرف العالم تايلور الثقافة ” على أنها نظام متكامل يشتمل على كلٍّ من المعرفة، والفن، والقانون، والعادات والتقاليد، والأخلاق، وغيرها من الأمور التي يكتسبها الإنسان بوصفه أحد أفراد المجتمع ” ومن هذا التعريف والوصف الدقيق للثقافة يتضح أنها شاملة لكل ما يُمكن اكتسابه وتعلمه من خبرات ومهارات ومعارف مع العمل على ترجمتها لواقع عملي يظهر في سلوك الإنسان ما يجعل منه مُصّدرًا ما لديه لمن حوله ، وبالتالي يحقق دور المثقف في التغيير من خلال نقل الأفكار الناضجة والخبرات المؤثرة، وبهذا تتميز المجتمعات وتتشكل هويتها بأفكار مثقفيها في كافة المجالات .
ولأن الثقافة أداة هامة من أدوات التغيير ، فكل ما يُحيط بنا اليوم أصبح من السهل تغييره والتأثير فيه ، شرط توافر أداة الإقناع والتي تعتمد بالدرجة الأولى على نوعية وجودة المحتوى الثقافي المراد تسويقه وإشاعته ، لاسيما أن مجالات الثقافة أصبحت أقرب للناس ولإهتماماتهم ، فالموسيقى لها مُثقفيها ولها شريحة كبرى من الناس توليها جزء من اهتمامها ، وهي مجال ثقافي واسع ، وكذلك الحال لبقية الفنون الأخرى ،والتي قد يحدث التغيير والتأثير من خلالها ، كذلك التعليم الذي يُعد الإنسان ليكون جزء مؤثر في مجتمعه هو أداة لنشر الثقافة وبناء المُثقف بشكل مبكر .
واليوم ونحن في عصر الانفتاح التقني والتمازج الثقافي أصبح أفراد المجتمعات أكثر ثقافة وأقدر على التغيير من أي وقت مضى ، حتى أن شريحة المثقفين اليوم لا أبالغ إن قلت أنها تضاعفت مرارًا مقارنة بها قبل عقدين أو ثلاثة ، ولم تعد الثقافة حكرًا على فئة معينة ، بل أن هناك من أصبح يقارع أربابها من حيث القدرة على التأثير في الآخرين وهذا هو الشريان الرئيس لإبراز دور المثقف إذا ما أوجزنا الثقافة أنها القدرة على إحداث التغيير في الذات وفي الآخرين .
همسة :
المُثقف هو من يجعل من ثقافته جسر إلى أفكار الآخرين وقناعاتهم بهدف التقويم والتغيير الإيجابي .
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020