||

الكوميديا العربية

15 أبريل، 2022

بقلم /مطر آل عاطف

 


نجح الغرب بشكل عام في العروض التلفزيونية نجاح ساحق على الشرق الأوسط و الأقصى في آن واحد منذ تشارلي تشابلن ومن سار على نهجه كمستر بن في الكوميديا الصامته وولوجهم لبيوت وقلوب المشاهدين حول العالم بدون ان يقولوا كلمه وأحيانا بدون صوت وهذه بضاعة البريطانيين بشكل عام لا يستهزئون بالآخر حتى في الكوميديا السوداء وآخر ما شاهدت من أعمال لهم after life من بطولة ريكي جيرفييه الملحد الذي تموت زوجته فيعيش حياته بلا طعم وصوَّر المسلسل ان ذكرياته معها اكثر حضورا من حياته في شوارع مدينته الانجليزية الجامدة كجمود توني ممثل الشخصية وتزداد مهمة انعاش يومه صعوبة حين يحاول كل من في الصحيفة المحلية التي يعمل بها مساعدته اولهم اخوه رئيس التحرير يضل خامل و مكفهر الوجه مع كل من يقابله بكوميديا سوداء مسلية وقد استمتعت حق الاستمتاع بالمسلسل برغم الاختلاف بين عقيدتي الإسلامية و جوهر الشخصية واذا جئنا لصناعة الكوميديا ذات الرتم العالي و السخرية الجبارة فأربابها بلا شك هم الأمريكيين واستديوهات هوليوود وابطالها لا يمكن حصرهم سواء في القديم منذ لوريل وهاردي والمهرجون الثلاثة لاري فاين وكيرلي هاورد ومو هوارد مرورا بالمتأخرين اضراب جيم كاري وروبن وليامز والرجل الذي لا يعجبني بكل صدق الا انه نجح رغم انفي بيل موراي وكثيرون لا سبيل لحصرهم كأبطال مسلسل فريندز الذي اكتسح العالم إلى كيفن هارت رجل الساعة في العالم؛ انا مؤمن ان الكوميديا و السخرية صناعة غربية بامتياز ولكي تدرك الفرق عزيزي القارئ بين الأنجليز و الأمريكيين الشماليين فالامريكيين مثل الشاعر جرير اذا هجى اسلوبهم الكوميدي فيه تَنَمُّر و استهزاء بالطرف الآخر او كما نقول بالعامية الحش والحط وهو إلى حد ما يشبه سياستهم في واشنطن اما الأنجليز فالفنان او بطل العمل هو النكته بحد ذاته مثل مستر بن وريكي جيرفييه و تشارلي تشابلن غالبا لا يتنمر البريطاني فهو محور العجب والفكاهة حتى في الكوميديا كالشاعر الحطيئة جرول ابن اوس الذي يهجو نفسه ويهجو امه و زوجته بابيات استحي من ايرادها هنا ولسان حاله يذم نفسه فقط وقلما يهجو الآخرين ولا يذكر الا انه هجا أهل الزبرقان بعدما اكرموه في الأبيات المشهورة دع المكارم لا ترحل لبغيتها… فالبريطانيين ليس عندهم عادة التنمر في غالب اعمالهم الكوميدية، اما العالم العربي الذي لم أستطع ان افهم ماهي الكوميديا عندهم وهل ممثليهم يُعَدُّون أصحاب رسالة ام ان فنهم ذا كرت محروق ماتت كوميديانا بموت عبدالحسين عبدالرضا رحمه الله و سلطان المسرح سعيد صالح في مصر وتوقف العملاق الأوحد في سوريا ياسر العظمة عن التمثيل بسبب أوضاع بلده أدركت ان هؤلاء كانوا حقا الجبال الفنية و بوّابين الضحك في العالم العربي وغيرهم الكثير ومن بعدهم لم اضحك ضحكاً ينسيني نفسي ما تعرضه قنواتنا العربيه في رمضان وغيره من الأشهر سَفَهْ وتصابي لا أدري من الذي قال لهم ان الكوميديا هي استهبال وتهريج وتَقَعُّر لقسمات الوجه ممثليننا يريدون ان يجرُّون شفاهنا باستماته للضحك ولكن لا يعلمون كيف؛ لأنهم ليسوا أهل صنعه فالكوميديا موضوعية وليست سبهلله أمام الكاميرات؛ واذكى من انسحب بهدوء منهم من عالم الكوميديا هو ناصر القصبي وهاجر من الكوميديا إلى التراجيديا بخطوة ذكية ليلعب لعبة عادل امام في المزج ما بين الفكاهة والتراجيدي لمشواره الفني كما في فلمه الحريف (ناصر أدرك انه لا يوجد كُتّاب سعوديين و خليجيين ساخرين يعينونه على إحياء النص المكتوب إلى شخصية تزرع البسمة في وجه المشاهد) فانسحب بصمت واغضب فريق طاش ليعيش في أجزاء العاصوف لا أدري إلى متى ولكنه وجد مكان له حتى إشعار آخر ؛ الكوميديا هي صناعة ضخمة وصعبه ولها رجالاتها وليس كما أخذها ربعنا على أنها عادة رمضانية وهو يعلم إبّان التصوير في قرارة روحِه ان الناس تتابع نتفلكس ونسيت قنواتنا العربية تقريبا.
جائني احد الاخوه البارحه وقال الا ترى ما صنع السعوديين ببايدن وكاميلا هاريس فقد ضجت حتى القنوات الأمريكية بمقطع الفراج واجبته بكل بساطه هذه خبطه في وقتها وغرضها السياسي أكبر من غرضها الفني ولكن أين السيطرة على شباك التذاكر وصناعة مكنة إنتاجية مستدامة على أقل تقدير مثل طاش و خلك معي للمرحوم محمد العلي ذو الملامح الابوية الذي ماكان يحتاج لزيادة ولإضافات خارجية كسائر الكثير من الممثلين الحاليين وبلا شك المشهد أعجبني وصوَّر بايدن النائم كما هو ولكن حديثي فني وتجاري وثقافي واتحدث عن صناعة ضخمة تدر أرباح بدون كوميديا إغراء و سفالة كأعمال عادل امام لأننا نرغب بِمُنْتَج شرقي بحت يخاطب شعوبنا العربية وموروثاتها وارضها كما كان يدعو له علي الهويريني أستطيع مشاهدته مع عائلتي كأعمال ياسر العظمة وبكر الشدي رحمه الله ودريد لحام رغم اختلافي مع توجهه السياسي لا بد من أن يُفتح الباب على مصراعيه لليوتيوبرز الخليجيين فهم أقوى من واقدر من ما تقدمه القنوات المعروفه و على حيتان الأنتاج و مُلاَّك القنوات ان يفكروا ويتدبروا في رسم الخطط السليمة للنهضة الفنية فهو جهد جماعي واممي وأن يتجاسروا ولا كرامة على الفنان الذي يظنون ان كرته انحرق و ليتوقفوا عن استنبات الأموات فنياً لمجرد أسمائهم الثقيلة في الماضي فالفن المُقَدَّم للجماهير أصبح عند قنواتنا مولد وعادة سنوية وليس صناعة ثقافة كما عند الأمريكيين تجد عندهم شنط أطفال المدارس والمراسيم و المقلميات عليها صور أبطال خارقين كسبايدر مان وباتمان واضرابهم لأنهم لديهم رساله يرغبون بترسيخها لا بد أن نبدأ من حيث انتهى الجميع والا سننتهي حيث بدأوا إن ما تقدمه المحطات العربية قد بات عرضاً غير متجانس مع نفوس المشاهدين.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

رأي المصداقية

1 يناير، 2021
رآي المصداقية

  كان حلما يراودنا منذ...

كتّاب المصداقية

23 أكتوبر، 2025
نصفك الأسود

ضيف الله نافع الحربي  ما...

15 أكتوبر، 2025
من جدة إلى كأس العالم

ضيف الله نافع الحربي  من...

9 أكتوبر، 2025
أخطر العقود “أنا وأنت معًا”

ضيف الله نافع الحربي  رابط...

2 أكتوبر، 2025
اقرأ لتكبر

ضيف الله نافع الحربي  لا...

أوراق أدبية