نجاة فكري

◦ الحياة هي سلسلة من التناقضات التي لا تستقيم على مسار واحد .فبناءً على تجاربنا وتوقيت حدوثها تتفاوت مشاعرنا بين مد يسعدنا وينشينا وجذر يتعسنا ويشقينا .
◦ وما أكثر ما تصطبغ حياتنا أحيانا بسواد الحزن الذي يحيل أيامنا عذاباً يؤرق ليلنا ويسهد أجفاننا ويستبيح دموع مآقينا كآبة وألماً.
فأذكر حين توفى الله زوجي في يوم لم أكُ أتوقع يوماً أنه سيغادر هكذا سريعا بلا مقدمات ولا تلميحات . إذ كان يوماً اعتياديا كسائر أيامنا معاً سوى بعض ملامح أذكر ها اليوم بعد رحيله وكأنها كانت اشارات وعلامات لم أكُ أفقه حينها شيئا. حيث كنت أشاهد فيلماً على التلفاز وكان حينها ملقى أمامي على أريكة في الصاله للاسترخاء بعد الافطار . وكان فيلما يتحدث عن زوج يموت غدراً ويتمنى ليعود للحياة لينقذ زوجته ويحذرها من شخص مقرب وهو من اغتاله ويلبس دور المخلص المتفاني الذي يتعاطف مع آلام الزوجه وأحزانها. ولم أكُ أدرك أن المُلقى أمامي حينها سيرحل من حياتي للأبد بعد سويعات كما البطله التي كنت أشاهدها في الفيلم وتنذرف دموعي عليها حزناً وألماً . وما كنت أعرف أن القدر كان يستبق دموعي كمقدمة لما ستؤول إليه نفسي بعد فترة وجيزه من يومي. ما أكثر الإشارات التي يرسلها إلينا الخالق لنتفكر ولا ننتبه إليها إلا بعد حدوثها! .كم رسمنا معاً صور أيامنا القادمة حين يكبر أولادنا وتشيخ رؤوسنا ويخلو البيت بنا فلا يبقى سوانا ، يتوسد أحدنا كتف الآخر ليتأمل ذكرى أيامه الماضيه وأفق أيامه المتبقيه في عمره ليتلو أحدنا على الآخر بعض آيات من القرآن .. أو نستعيد بعض مواقف مضحكة مرت بنا معاً عبر الأزمان..أونسافر معاً لنكتشف بقعا من العالم جديدة خلف الجبال والشطآن.. كم وكم وما أطول الأمل وما أقصر العمر ! ولا نزال نستمرئ الحلم ويكبر الأمل رغم العلم بوقوع الأجل .
◦ تعلمت بعد الفقد أن قوة الإنسان في الصبر والتأقلم والنسيان .. تعلمت ألا أستسلم لليأس وللأحزان .. تعلمت أن لا تغادر قبل أن تبادر وتسرع الخطى ..لتترك الأثر النبيل الذي يشهد لك به الورى .. ويكون شفيعا لك حين يتوسدك الثرى . وأننا في رحلة الحياة مسافرون يوماً لا محاله فلنتزود قبل الرحيل بما يسرنا في الجنان وعند الرحمن ..