||

الحب والاحترام والتقدير: قيم وجودية في مواجهة الوصولية

22 نوفمبر، 2024

أشواق شتيوي 

‏ASHWAG_SHETEWI@

الحب والاحترام والتقدير ليست أفعالًا اختيارية أو قوالب اجتماعية تفرضها الظروف، بل هي تعبير عن حقيقة جوهرية تُولد من فهم الإنسان لموضعه في هذا الوجود. 

إنها ليست امتيازات تُمنح حسب المصالح أو الظروف، بل هي حالة وجودية تنبع من إدراك الإنسان لوحدته مع الآخرين، ولطبيعته كجزء من نسيج شامل لا ينفصل عن الكل.

 

على النقيض، تُنكر الوصولية هذه الوحدة، إذ تجعل من الإنسان كيانًا منعزلًا، يرى في الآخرين وسائل لتحقيق أغراضه الخاصة.

 إنها نزعة أنانية تختصر العلاقة الإنسانية إلى معادلة مصلحية، حيث يُعامل الآخر كأداة تُستغل، وليس ككيان يمتلك قيمة ذاتية. 

هذه النظرة لا تُفقد الإنسان ارتباطه بالآخرين فحسب، بل تُضعف صلته بجوهره الأصيل، ككائن يسعى للتفاعل والتكامل مع الكل.

 

الحب، إذًا، لا ينبغي أن يكون مقايضة تُبنى على المنفعة، بل هو إدراك عميق لتماهي الذات مع الآخر. إنه علاقة تكاملية تنبع من الفهم والاحترام المتبادل، حيث تُرى في الآخر امتدادًا للذات، لا موضوعًا للسيطرة أو الامتلاك.

 في هذه الرؤية، تصبح العلاقة الإنسانية فعل مشاركة، يتحقق فيها الانسجام بدلاً من الصراع، والتكامل بدلاً من العزلة.

 

أما الاحترام، فهو أكثر من مجرد اعتراف سطحي بقيمة الآخر. 

إنه قبول واعٍ لفرادته واستقلاليته، وإدراك عقلي بأن لكل إنسان مكانه ودوره في النظام الكوني. 

الاحترام هو القدرة على رؤية الآخر ككيان قائم بذاته، يستحق التقدير.

 

أما التقدير فهو أعلى درجات هذا الفهم، بدوره، يرتقي بهذه القيم إلى مستوى أعلى، حيث يصبح الآخر موضوعًا للتأمل لا للحكم. 

 

في التقدير، يُنظر إلى الآخر كغاية في ذاته، تُقدَّر قيمته الجوهرية الحقيقية المستحقة دون أغراض خفية. 

إنه فهم عميق لوجود الآخر كجزء من توازن شامل، يكمل الإنسان ولا يتعارض معه.

 

هذه القيم لا يمكن أن تنمو في بيئة تحكمها المصالح والانفصال.

 فهي تحتاج إلى رؤية شمولية ترى في كل شيء ارتباطًا وتكاملاً. 

إنها ليست سلوكيات تُطلب أو تُفرض، بل هي صدى لفهم الإنسان العميق لطبيعته كجزء من كل أكبر.

 

الحب هنا ليس تفضيلًا، بل ضرورة وجودية. 

الاحترام ليس تنازلًا، بل واجب إنساني.

 والتقدير ليس امتيازًا، بل انعكاس لحقيقة الآخر كجزء منّا.

 

الحب والاحترام والتقدير ليست مجرد قيم أخلاقية أو عواطف شخصية فقط،

 بل هي دليل على ارتقاء الإنسان فوق نزعات الأنانية والوصولية.

 إنها طريقه للعيش في انسجام مع ذاته ومع الكل الذي ينتمي إليه، حيث يصبح جزءًا فاعلًا في هذا النظام الكوني الشامل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

رأي المصداقية

1 يناير، 2021
رآي المصداقية

  كان حلما يراودنا منذ...

كتّاب المصداقية

23 أكتوبر، 2025
نصفك الأسود

ضيف الله نافع الحربي  ما...

15 أكتوبر، 2025
من جدة إلى كأس العالم

ضيف الله نافع الحربي  من...

9 أكتوبر، 2025
أخطر العقود “أنا وأنت معًا”

ضيف الله نافع الحربي  رابط...

2 أكتوبر، 2025
اقرأ لتكبر

ضيف الله نافع الحربي  لا...

أوراق أدبية