||
أشواق شتيوي
@ASHWAG_SHETEWI
حين يشك الإنسان في الفضيلة، فهو لا يشك في وجودها كقيمة مجردة، بل في قدرة هذا الوجود على تجسيدها.
الشك هنا لا يعكس نقصًا في الفضيلة، بل انكسارًا في الروح التي لم تعد ترى في نفسها قابلية لتحقيق تلك القيم العليا.
كأن الفضيلة مرآة تعكس في عمق النفس ما يخشاه الإنسان: الاعتراف بالنقص أمام المطلق.
الفضيلة الحقيقية لا تشككها إلا نفسٌ ترى في ذاتها عجزًا عن بلوغ السمو.
فالشك ليس في جوهر الفضيلة، بل في استحقاق الذات لها، إذ يصبح الشك قناعًا للخوف من مواجهة حقيقة الإنسان المحدود في قدرته على الارتقاء إلى تلك المعاني.
فكل شك في الفضيلة هو في حقيقته ارتداد عن مواجهة سؤال أعمق: هل يمكن للكمال أن يتحقق في عالم ناقص؟
الفاضل ليس موضع ريبة لكونه فوق إنساني، بل لأنه يُعيد إلى الوجود شعاعًا من نورٍ قديمٍ حاول الإنسان إخماده عبر الزمن.
الفضيلة ليست بعيدة ولا مستحيلة، بل هي ممكنة دائمًا، تنتظر اللحظة التي يتجاوز فيها الإنسان ضوضاء الشك ويصغي لصوتها العميق.
إن الشك في الفضيلة هو، في جوهره، شكٌ في الذات وفي قدرتها على السير في طريق القيم، وليس شكًا في الفضيلة ذاتها.
الذين يشككون في الفضيلة هم أنفسهم الذين يشعرون بأن هذه القيم قريبة، ولكنهم عاجزون عن اقتحام عتباتها.
إن الشك ليس إلا تعبيرًا عن خوف الروح من تجاوز ضعفها، من مواجهة الإرادة الكامنة التي تدعوها إلى احتضان هذه القيم.
وفي هذه المعركة، الفضيلة ليست مجرد مبدأ، بل هي امتحان لقوة الروح واستعدادها لتجاوز حدود الذات نحو الأفق المفتوح على اللانهائي.
إذا كانت الفضيلة هي الحقيقة المطلقة، فإن الشك هو الدرب الذي يواجه فيه الإنسان حدوده الخاصة. وكلما تعمق الإنسان في هذا الدرب، اقترب من اللحظة التي يتحد فيها مع الفضيلة، حيث يتلاشى الشك وينكشف الجوهر: الفضيلة ليست خارجية، بل هي النور الساكن في أعماق النفس، ينتظر الشجاعة لإيقاظه من غفوة الشك.
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020