||
أشواق شتيوي
@ASHWAG_SHETEWI
الأخلاق ليست مجرد صور ذهنية أو قواعد اجتماعية موروثة، بل هي نتاج لفهم عميق لبنية الواقع وكيفية التفاعل معه بشكل متوازن.
إنها تعكس قدرة الإنسان على إيجاد تناغم بين دوافعه الداخلية والاحتياجات العامة للمجتمع، مما يشكّل جوهر الحياة الأخلاقية.
لتحقيق الفضيلة، يعتمد الفرد على تناغم عقلي يمكّنه من فهم كيفية عمل الواقع بعمق.
عندما يدرك الشخص الروابط الدقيقة بين أفعاله ونتائجها، يتمكن من اتخاذ قرارات تتماشى مع هذا الفهم.
هنا، لا تكون الأخلاق تطبيقًا صارمًا لقواعد مفروضة، بل هي عملية تجسيد للمعرفة في الأفعال اليومية، تنبع من وعي شامل بالواقع.
يتطلب الفعل الأخلاقي من الفرد تجاوز الأنانية، مما يستدعي تفكيرًا عقلانيًا يوازن بين مصلحته الشخصية ومصلحة الآخرين.
عندما يواجه شخص في عمله قرارًا بين تحقيق مصلحة شخصية أو اتخاذ موقف يخدم المصلحة العامة، قد يختار بناءً على رغباته الأنانية، مما يعكس غياب التناغم العقلاني. ومع ذلك، إذا استخدم عقله لفهم العواقب الأوسع لقراره، سيدرك أن القرار الذي يخدم المصلحة العامة ليس فقط أكثر أخلاقية، بل يعود بالفائدة عليه على المدى الطويل.
من خلال بناء بيئة عمل عادلة وتعزيز العلاقات مع الآخرين، يمكن للأفراد أن يساهموا في تشكيل مجتمع أكثر توازنًا وعدلاً.
التفوق الذاتي لا يتحقق من خلال تجاهل وجود الآخر أو مصالحه.
بل إن التفوق الحقيقي ينبع من تحسين الذات وتطويرها، بحيث تصبح قادرة على تحقيق حقها بفضل تفوقها الفاضل.
ليس التفوق صراعًا أو تنافسًا يُلغي الآخر، بل هو قدرة الفرد على أن يصبح أفضل نسخة من ذاته، فينسجم مع مصلحة الآخرين دون التنازل عن قيمه.
إن الحرية الحقيقية تكمن في التفاعل مع الآخرين وتقدير حقوقهم.
عندما نتصور الأخلاق كمرآة لفهم عقلاني متكامل للواقع، فإن الأفعال المنبثقة من هذا الفهم تسهم في بناء عالم أكثر عدلاً وتوازنًا.
تمثل الأخلاق قدرة الفرد على التوفيق بين مصالحه ومصلحة العامة، من خلال تحسين الذات والسعي نحو الفضيلة.
بهذه الطريقة، تتحول الأخلاق إلى قوة فاعلة في المجتمع، تعزز من الروابط الإنسانية وتؤسس لبيئة تعاونية.
لنجسد التفوق الأخلاقي تفاعل الفضيلة الفردية مع المصلحة العامة.
العيش وفقًا لهذا الفهم العقلاني يمثل السبيل لتحقيق الخير والعدالة في أعمق صورها. لذا، فإن الأخلاق ليست مجرد أدوات للامتثال، بل هي مسار نحو تحقيق إنسانية أعمق، تعبر عن الوعي الحقيقي بمسؤوليات الفرد تجاه نفسه وتجاه المجتمع، مما يخلق بيئة محفزة على الحوار الأخلاقي الذي يشكّل مستقبلنا جميعًا.
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020