||
أشواق شتيوي
@ASHWAG_SHETEWI
في الواقع الحالي ، نواجه أحيانًا أفرادًا يستخدمون أساليب التحكم والخداع لفرض إرادتهم وتحقيق أهدافهم الشخصية.
هؤلاء الأشخاص لا يكتفون بإلحاق الأذى بالآخرين، بل يسعون أيضًا إلى تجهيل وعيهم وتحريف الحقائق لمصلحتهم الخاصة.
تجهيل الوعي هنا يشير إلى عملية متعمدة تهدف إلى إضعاف القدرة النقدية للأفراد، مما يجعلهم أكثر عرضة للتلاعب والخداع.
تبدأ هذه المشكلة عندما نجد أنفسنا مضطرين للبحث عن رضا هؤلاء الأشخاص، معتقدين أننا قادرون على إصلاح العلاقة أو تغيير منظورهم.
إلا أن هؤلاء الأفراد غالبًا ما يتمسكون بقناعة مطلقة بصوابهم، مما يؤدي إلى تآكل تقديرنا لذواتنا وإضعاف قدرتنا على التفكير النقدي.
تتمثل هذه الديناميات في مزيج من النرجسية والعدوانية، حيث يتصرف الشخص المتحكم باعتباره المعيار الوحيد للصواب والخطأ، متجاهلاً الحقائق الموضوعية أو متلاعبًا بها لمصلحته الشخصية.
تُعرف هذه الأنماط في الأدبيات النفسية والاجتماعية بصفات مثل “النرجسي” أو “المتلاعب”، وفي الحالات الأكثر تطرفًا يُطلق عليهم “الغازلايتر”.
هؤلاء الأفراد يسعون إلى تحريف الواقع لدرجة تجعل الآخرين يشككون في قدرتهم على التمييز بين الصواب والخطأ، وأحيانًا في قدرتهم الذاتية، مما يسهم في تجهيل وعيهم.
عادةً ما يظهر هؤلاء الأفراد احترامًا تجاه من يمتلكون قوة أو نفوذًا، ولكن هذا الاحترام ليس ناتجًا عن تقدير حقيقي، بل هو سلوك انتهازي يهدف إلى تعزيز مصالحهم الشخصية أو تجنب التهديدات.
يتعاملون مع العلاقات وفق نظام مصلحي وليس أخلاقي، حيث يعتبر النفوذ مصدر قوة يعزز مكانتهم أو يحميهم.
في الوقت نفسه، يظهرون الاحترام للأقوياء ويستخدمون تأثيرهم وتلاعبهم مع من يعتبرونهم أضعف أو أقل نفوذًا.
ما يزيد من تعقيد الأمور هو ميل الضحية للتكيف مع هذه الديناميات السامة والاعتقاد بقدرتها على إصلاح العلاقة أو استعادة التوازن.
قد ينبع التمسك بمثل هذه العلاقات من خوف من الفقدان أو رغبة في الحفاظ على استقرار زائف،
وقد يكون هناك أيضًا أمل في أن الشخص المسيطر قد يغير سلوكه إذا بذلنا جهدًا أكبر أو أظهرنا مزيدًا من التفهم والتسامح.
الحل يبدأ بفهم أن محاولة كسب رضا شخص لا يحترمك ولا يعترف بقيمتك ولا يفهم احتياجاتك هي مسعى غير مثمر.
الاستمرار في مثل هذه العلاقات يعرضنا لخطر فقدان الثقة بالنفس وتآكل الشعور بقيمتنا الذاتية.
التغيير الحقيقي لا يأتي من محاولة إصلاح الآخر، بل من اتخاذ قرار واعٍ بإعادة بناء علاقتنا بأنفسنا.
الوعي بالعلاقات السامة وتحديد ديناميات تجهيل الوعي هو خطوة أساسية نحو التحرر من المخادعين واستعادة الهوية.
الحقيقة ليست ما يحاول الشخص المسيطر فرضه علينا، بل هي ما ندركه من خلال وعينا لذواتنا والتزامنا بالقيم التي تمثلنا.
عندما نتحرر من تلك العلاقات، نصبح أكثر قدرة على بناء هويات قوية ومتماسكة، قائمة على فهم عميق لأنفسنا واحتياجاتنا، بدلاً من السعي لنيل رضا الآخرين أو الخضوع لسلطتهم النفسية.
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020