||

العلاقات ولغة الاحتياج

27 نوفمبر، 2025

ضيف الله نافع الحربي 

لغة الاحتياج عميقة وذات تأثير بالغ، قادرة على إخضاع بوصلة الموازين التي تُقيّم بها العلاقات وتَرسم اتجاهاتها الجديدة. ودليل ذلك غياب الاحتياج الذي تَهوي عنده الكثير من الوعود والمواثيق الغليظة، وتذوب “الهقوات”، ويرتفع صوت الخذلان وفق ما يعتقده البعض، ويتزايد التراشق بالاتهامات عند آخرين كردود أفعال متباينة تُواجه بها نتيجة التخلي لعدم كفاية الاحتياج لك أو لذاك.

تقول بعض مواقف الحياة الموثوقة: حين تفقد مالك أو منصبك أو جاهك أو تأثيرك، يتخلى عنك الكثير ممن يحتاجون تلك الخدمات التي تحقق مصالحهم الشخصية من خلالك. أمّا المواقف الأقل إنسانية فصوتها أشدُّ قبحًا؛ فبعض الناس يتخلّون عنك حين تفقد صحتك أو عقلك أو يَثبت عجزك، لأنهم يرون فيك عبئًا وثقلًا لا يستطيعونه، أو بمعنى أدق (لا يريدون تحمّله)، ويرون أنك حجرُ عثرة في طريق حياتهم يُضعف جودتها. والحديث هنا ليس عن عامة الناس، بل حتى أقربهم (ممن تخلّوا عن إنسانيتهم) وارتفعت أنانيتهم إلى مستوى لا يَليق بالتعامل الإنساني. وهذا ليس تشاؤمًا ولا ترهيبًا أو تخويفًا من الناس والحياة، بل هي حقيقة تختبئ حياءً بسبب قبحها، وتظهر في وقت لا تستطيع رؤية ذلك القبح، والأكثر ألمًا أنك حينها لا تستطيع حتى إدارة وجهك عنها.

 

أمّا خلاصة المقالة وإيجاز “ماذا بعد؟”: فقط كن ذكيًا بالقدر اللازم الذي يحميك من لحظة الصدمة وتبعاتها؛ فالإلمام بلغة الاحتياج وأنها جزء فاعل في كل علاقة يُعدّك للمواجهة والتقبّل والبداية الجديدة مع شراكة أخرى تُبنى على احتياج يحقق لك وللآخر الهدف منه.

أستثني مما ذُكر في هذه المقالة العلاقات السامية ذات الاحتياج الفطري المتحدّد: علاقة الآباء والأمهات بالأبناء، وعلاقة الأبناء بهم، وعلاقات أبناء الدم الواحد ببعضهم البعض، مع وجوب الحذر والاستعداد لكل احتمال.

 

نقطة ختام:

كل علاقة رهينة بالاحتياج .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

رأي المصداقية

1 يناير، 2021
رآي المصداقية

  كان حلما يراودنا منذ...

كتّاب المصداقية

27 نوفمبر، 2025
العلاقات ولغة الاحتياج

ضيف الله نافع الحربي  لغة...

20 نوفمبر، 2025
من قلب واشنطن: “نحن هنا”

ضيف الله نافع الحربي ما...

13 نوفمبر، 2025
هندام الشعور لا يقل أهمية…

ضيف الله نافع الحربي  فوق...

6 نوفمبر، 2025
احذروا دُعاة الاِنطفاء

ضيف الله نافع الحربي  سيأتي...

أوراق أدبية