||
مطر آل عاطف
إلى اللحظة التي اكتب فيها والجهود مبذولة من وزارة الأوقاف ووزارة الداخلية لمنع التسوُّل في المساجد وتجريمه سواء داخل بيوت الله أو خارجها ومنذ البداية كان الناس يتململون وأولهم انا من ازعاج الشحّاتين بعد كل فرض ما أن يُسَلِّم الإمام فإذا بنا نرى شخص يقوم ويبدأ بإلقاء موشَّح اندلسي يبكي على صوارف الدهر وكأنه وحده الذي يعاني في هذه الحياة الدنيا لا يدري بأن حياته قد تكون احسن من حياة نصف المصلين بالمسجد و يحمل في يده علبة دواء قيمته عشرين ريال من الصيدلية يظن انه يضحك علينا وسيوهمنا انه لا يملك عشرين في جيبه يشري بها مضاد انفلونزا 🙁 على العموم قطعوا الخشوع والسكينة و جعلوا بيوت الله قواعد ينطلقون منها للتحايل على مشاعر خلق الله واستعطافهم وهذا شيء لا يرضي الله اذا كان الله انتصر لنبيه عليه الصلاة والسلام وانزل قرآن يُتلى إلى يوم القيامة في حرج نبيه بعدما أطال بعض الصحابة الجلوس في منزله ولم يتزحزحوا من أماكنهم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَٰكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ۖ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ) و من بعدها لم يطيل احد المكوث في بيت رسول اللهﷺَ اذا كان هذا بيت خير البرية فكيف ببيت الرحمن الذي لا ينبغي لأحد فيه أن يسأل احد الا الله وقد بيَّن الله ما الذي يجب للمسلم فعله بعد صلاته، في القرآن (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }: “قُضِيَتِ الصَّلَاةُ”: أي تم الانتهاء من أداؤها. “فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ”: للعمل والكفاح. “وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ”: أي احرصوا على طلب الرِّزق الحلال.
ولم يذكر احد الشحاته ومد اليد لخلق الله وانت في بيت الله وكأنك تثق بما في أيدي الناس اكثر مما هو في يد خالقك يروى عن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم ان هشام بن عبد الملك جاء للمسجد النبوي زائرا وقال له سلني حاجتك فما كان من حفيد الفاروق الا ان قال له استحي ان أسأل غير الله وانا في بيت الله، هذا دأب السلف الصالح التورُّع عن طلب الخلق والإنصراف بالمسائل لرب الناس ملك الناس إله الناس كما أخبر الله عن نفسه في المعوذتين.
التسول في جوهره امر غير عادل وظلم لخلق الله شديد والأظلم من يعطي المتسولين في المساجد او عند الإشارات وإليك الصورة واضحة وجليِّة عزيزي القارئ؛ شخص يعمل في القطاع الخاص او الحكومي مثل الكثير من خلق ربي و المتسول لا يعمل و الموظف يقبض راتب لا يتجاوز الخمسة آلاف ريال و يكد في وظيفتين وظيفة اساسية واخرى في احد تطبيقات التوصيل مثل هنجرستيشن وجاهز وخلافها لان وظيفة في هذا الزمن لا تكفي إذن الموظف يكسب المال بعد التعب و النَصَبْ و المتسول يحصل عليها بمجرد الطلب فأين العدالة في هذا… جاء في السنة “لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة من الحطب على ظهره فيكف بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه (رواه البخاري)
ولا أنسى مرة كنت اصلي في مسجد الحارة عندنا بجدة ولدينا ولله الحمد والمنة إمام فاضل يأخذ بكل جدية بأوامر الدولة جاء متسول قطع علينا سكينتنا بعد الصلاة وهو ينوح ويصيح يحتاج مساعده مادية فما كان من إمامنا الا اخذ المايك وصرخ على الملأ وهدده بالشرطة و تماثل وكأنه يأخذ جواله للاتصال بالشرطة فشرد المتسول وأطرَق المصلين رؤوسهم إيجابية من صنيع الإمام فقلت في نفسي كم نحتاج أمثال هذا الإمام في المساجد وعند الإشارات وفي كل بقعة من وطننا الغالي فكم من متسول و متسوله قرأنا عنه في الجرآئد جمع ملايين ظبطتها في اوكارهم وزارة الداخلية السعودية المباركة نسأل الله أن يرزقنا الوعي و الفطانة.
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020