||
اللواء : محمد بني فارس
@suleimanjojo
دلِّلْ نَفْسَكَ…
عبارةٌ سمعتُها ذاتَ مساءٍ، خرجتْ من قلبٍ رقيقٍ كماءِ المطر، ومن عقلٍ رزينٍ كمآذنِ العارفين، قالها مُربٍّ فاضلٌ وأخٌ كريم، كأنّها نفحةُ وُدٍّ وسطَ زِحامِ التكاليف، ومصافحةُ رحمةٍ بعدَ طولِ شقاء.
دلِّلْ نفسَك…
أما تعبتَ؟
أما نَحَلَ الجفنُ من طولِ السهر؟
أما آنَ لِقلبِك أن يَسْتريح، ولرُوحِك أن تَسْبَحَ في فُسحةٍ من سُكون؟
يا صاحِ، لسنا آلاتٍ تُشحنُ كلّما فَرغت، ولا قواربَ تُساقُ بما تشتهي الرياح. نحن بشرٌ، نغفو على الأحلام، ونصحو على الألم، وبينهما نحتاجُ حِضنًا دافئًا نلوذُ به من ضجيجِ الحياة.
دلِّلْ نفسَك…
فاشترِ لها زهرةً دون سبب،
واسقِها قهوةً تُحبّها،
واجلسْ معها كما تجلسُ الأمُّ مع طفلها، تُحادثُه وتُطبطب عليه.
دلِّلْها كما تُدلَّلُ النَّسمةُ في رُبا الرّبيع،
كما يُدلَّلُ الحرفُ في قصيدةِ عاشق،
كما يُدلَّلُ العودُ في أناملِ مُبدعٍ مُشتاق.
دلِّل نفسَك…
ولا تَحسَبِ الدَّلالَ ضَعفًا، بل هو فنُّ الاعترافِ بأنَّ فيك إنسانًا يحتاجُ أن يُعامَلَ برِفق، أن يُحتَفى به ولو من ذاته، أن يُسمَع له حينَ يضجُّ الصدرُ بما لا يُقال. دعْ عنك تلكَ القسوةَ المُقنَّعةَ بثوبِ الجِدّ، فالنفسُ إنْ لم تُرَوِّح عنها، جفَّت وتشقَّقت كأرضٍ ما أصابَها المطر.
دلِّل نفسَك…
ولا تنتظرْ من أحدٍ أن يُبادِر، فكم من قلبٍ جميلٍ مات عطشًا وهو يَسكبُ الماءَ للآخرين. خُذْ بيدِك إلى أماكنَ تُحبُّها، اضحكْ دون أن تُبرّر، وارتكِبْ لحظاتِ فرحٍ صغيرة تُرمِّمُ بها صُدوعَ الأيام.
دلِّل نفسَك…
فالحياةُ أقصرُ من أن تُقضى في التنازلِ المُستمرّ، وأثمنُ من أن تُهدَر في تجاهُلِ احتياجاتِك البسيطة. لا تكنْ قاسيًا على قلبِك، فهو لم يُخلَقْ ليكونَ مِحراثًا للأعباءِ فقط، بل وُهِبَ ليَزهَر، ليُحبّ، ليَنعم، ليَعيش.
قالها الأخُ الحبيبُ ابا وديع في تلكَ المساحةِ كمن يُهديك مفتاحَ بابٍ نسيته،
بابًا يخرجُ بك من سجنِ الإهمالِ الذاتي إلى فضاءِ العنايةِ بالنفس،
ففهمتُ ساعتها أنَّ “تدليلَ النفس” ليسَ ترفًا… بل نجاة.
فيا صاحبي، دلِّل نفسَك،
فهي الوحيدةُ التي ستُرافقُك من أوّلِ الطريقِ إلى مُنتهاه،
وإن لم تُحسِنْ إليها، فمَن يُحسن؟
أتأذنْ لي أن أقولها لك، كما قِيلَت لي:
دلِّلْ نفسَك… فإنَّك تَستحقّ.
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020
كل حروف الهجاء لا تفيك حقك ايها الغالي :
روح محبة صادقة ، حرف نبيل وفي ، قدوة في كل الحياة تبارك الرحمن و كما قال نزار قباني :
الصمت في حرم الجمال جمالاً. حفظك و وفقك