||

الكبير المتعال

8 أبريل، 2023

مطر آل عاطف

تأملت كثيرا وطويلاً في آلاء الله عز وجل ومخلوقاته التي تفوقني حجماً و كمَّاً وكنت قد توقفت عند اسم الله الكبير وكأن شيئاً جَمَّدَني هناك كي ابحث عن خصائص هذا الإسم الذي وصف الله ذاته العلية به وقد اقترن في القرآن الكريم بالمتعال وبالعلي وهذا وصف لا يمكن أن يخرج من لسان بشر ابدا لان اي مخلوق إذا علا وابتعد في المسافه عنك فقد صغُر في أبصارنا فأنت لو كنت بجوار فيل سيبدو ضخماً امامك لكن لو ابتعدت مسافة كيلو متر عن الفيل فقط فسيبدو في عينيك الفيل بحجم نحلة صغيرة لا تُرى بالعين المجردة ، إلا الله إذا علا فقد كبر وتبارك الرحمن الرحيم.

وعليها فَقِس كثيراً ما يقسم الله بمخلوقاته في القرآن الكريم اقسم بمواضع النجوم وبالشمس والسماء والكثير من الآيات التي يقسم فيها الله بمخلوقاته والمميز في أمر الله أنه خلقنا و خلق كل ما حولنا ولن تجد أحد من الجبابرة عبر التاريخ زعم أنه خلق هذا الكون الواسع الذي حولنا يقول فرعون لعنه الله (وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) يقول الإمام القرطبي رحمه الله أنه قد تكبر بأنه ملك مصر واراد بزعمه الاسكندريه على وجه الخصوص وقيل دمياط وغيرها وانا هنا لا يعنيني بل الذي يعنيني أنه لم يزعم أنه خلقها بل قال بأنه ملكها فقط لأنه لو قال لقد خلقتها سيطلب منه الناس وخصوصاً الفقراء والمحتاجين أن يخلق لهم دنانير ودراهم و ضِيَع و ابقار و انعام ولن يتمكن ، فهو يعرف حدوده حتى النمرود حينما تحداه ابراهيم عليه السلام بأن يحيي ويميت جاء الملك الاحمق برجل مجرم من السجن محكوم عليه بالاعدام وأطلق سراحه فقال لابراهيم انظر لقد احييته وكان محكوما بالاعدام فحينما أدرك خليل الله عليه السلام صفاقة عقل النمرود قال له شيئاً لا يستطيع فعله إلا العلي الكبير جل في عليائه قال له: (فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)

فخرق العادة الفلكية لا يتأتى من ملك دنيوي ( كالنمرود) ؛ بل يستطيعه العلي الكبير الذي قهر كل شيء وخلق كل شيء و يعرف حيثيات المخلوقات كلها كما حدث لنبي الله يوشع ابن نون عليه السلام في الحديث الذي صححه الذهبي والالباني (إنَّ الشَّمسَ لم تُحبَسُ إلَّا ليوشعَ بنِ نونٍ لَياليَ سارَ إلى بيتِ المقدسِ).

الراوي : أبو هريرة | المحدث : الذهبي .

 

بكل بساطه لانه الله كبير متعال تعالى على الشمس وعلى منكب الجوزاء الذي يعد أضعاف حجم الشمس ولك أن تتخيل أن علماء ناسا يزعمون أن حجم الشمس يعادل حجم مليون وثلاثمائة ألف كوكب ارض جَلَّت قدرة ربنا عن النقص و ذاته العلية عن الند خلق الشمس وأمرها بالدوران والتوقف ليؤيد نبيه ووليه يوشع عليه السلام أما النمرود فقد بُهِت من الفاجعة ولم يتوقع طلب من إبراهيم عليه السلام كهذا ولكي يثبت الله قلوب الذين آمنوا ارسل بعوضاً على جيش النمرود فمص دمائهم حتى لم يبق من أجسادهم الا العظام ليكونوا عبرة لمن يعتبر وهذا كله من تجليات اسم الله العلي الكبير علا على النمرود وجيشه وقهرهم بأحقر المخلوقات وبأخَس الطرق وكان الله علياً كبيرا.

إذا استشعرت فساحة الكون وأحجام الاجرام السماوية تبدأ تتعقل وتتعلق باسم الله الكبير اي نعم لن تحيط به لأنه الله قال لا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض أي أن فضائنا الذي ما زلنا نكتشف فيه كويكبات واقمار فالكرسي وَسِعَه ووسع الاراضين كلها وبينما اقرا في سورة التكوير إذا الشمس كِّوِرَت وإذا النجوم انكدرت يتبادر إلى الذهن أن الكبير وحده قادر على صنع شيء كهذا مرعب وخارق للعادة كتكوير الشمس ومحو ضوئها، كبير لا يغلبه غالب ولا يفوته هارب لكن الإنسان الكائن المؤقت على ظهر هذا الكوكب الأزرق مازال يتبختر ويتكبر ويبطش ويحب الاستحواذ والسيطرة، حينما أطلق علماء الفلك تلسكوب جيمس ويب اخذ صداه يطوف المعمور وكأن البشرية صنعت المستحيل وقاموا بتصوير واضح لكواكب تبعد عن الأرض ٣٧٨ مليون كيلو متر وهي مساحة لا يمكن لعقل بشري أن يتصورها واكتشفوا أن أحدها تبلغ الحرارة فيه 230° درجة مئوية اي لا يمكن أن يكون هناك أي شكل من أشكال الحياة على سطحه وهناك كوكب يبعد 40 سنة ضوئية وهو كوكب VHS 1256 b الساخن، يبتعد عن أرضنا 40 سنة ضوئية وتبلغ درجة حرارته حوالي 815 درجة مئوية!

وهذا كله يزيد استيقان العبد وقطعه التام باسم الله العلي الكبير ولا شك أن العجز عن الإحاطة موجود في عقول أولي الألباب.

 في مقابلة قبل ايام في برنامج ليوان المديفر على روتانا وقد استضاف العالم الفلكي نضال قسوم وهو يشرح نظرية الانفجار العظيم واقتبس قوله إن الانفجار الكوني الذي حدث ليس انفجار كالانفجارات التي نعرفها إنما تمدد الكون والغازات والالكترونات والمادة، والعلم يقول إن المسألة لغز فقد تكوَّن الكون من نقطة وهذا لا يوجد له تفسير والعلم يقول إن الكون تمدد من نقطة واحدة مع العلم أن الأمر ليس بهذه البساطة بل العلم نفسه يقف حائر لانه بالعمليات الفيزيائية الهندسية الحسابية المعقدة لا يمكن أن يتم أمر كهذا ولكنه حدث فسبحان الكبير المتعال الذي هيأ الأسباب لحدوث لغز وخرق للعادة و وزَّع الحرارة العالية والبراكين في النجوم وفي الشمس لكي يستفيد منها سكان الأرض ويعرفون الوقت فالله لا يحتاج لتوقيت كما نحن البشر ومن ضوء الشمس تنمو النباتات لكي نقطف و نأكل فقد تكفل العلي الكبير بأرزاق المخلوقات وكذلك لنستفيد من فيتامين د بلا حدود ولم يطلب الله منا أن نشتري فيتامين د بأموالنا كما يفعل الصيادلة و الأطباء لأنه غني عن العالمين ولا يوجد امبراطور منذ بدء الخليقة نادى الناس وقال تعالوا ابتغوا الرزق من عندي فهذا محال الا على الله فهو هين، و وضع الجليد الشديد في كواكب أخرى والغازات المختلفة المتنوعه في كوكب واحد وهلم جر .

فصار الفضاء عبارة عن رسمة جميله آسرة للبصر وللتلسكوبات التي صنعها الإنسان بفضل من الله وهذا تجلّي واضح لاسم الله الكبير الذي علا وارتفع وقهر كل الموجودات التي لا يعلم حجمها ولا اوزانها الا العلي الكبير الذي استوى على العرش العظيم و أسرى بالنبي محمد ﷺ إلى سدرة المنتهى ؛ والاسراء و المعراج الذي يكذب به الملاحدة وبعض المتشدقين من بني جلدتنا أجزم أنهم لم يتحققوا من اسماء الله العلي والمتعال والأعلى و الكبير . 

الذي كَلَّفَ نبينا ﷺ بتبليغ الرسالة وتأدية الامانه و نصره بجبريل عليه السلام ذو الستمائة جناح بين كل جناحين من الكنوز والأحجار الكريمة ما لا يحصيه إلا الله وبدابَّة البِراق والبركة التي هي جند خفي من جنود الله لا يعلم قدره إلا العلي الكبير لا عجب ولا غرو فعقولهم بشرية والعقل البشري كما قال علي الوردي (كخرطوم الفيل هو أداة تعينك فقط ) وليس لكي تفهم بها المعجزات كانشقاق القمر أمام كفار قريش الذين رأوا وكذبوا وقالوا سحرنا محمد .

اما ابو بكر الصديق رضي الله عنه حينما أخبروه المشركين بزعم نبينا ﷺ أنه أسري به إلى السماء السابعة بلا تردد خيب ظنونهم وقال إني أصدقه لأن أبا بكر آمن أن الله كبير متعال مقتدر على كل شيء وانظر إلى مكان ابي بكر الصديق من رسول الله في الدنيا والآخرة واقرأ السيرة النبوية لترى أنه فاز بقلب نبينا ﷺ و صار الرجل الثاني في هذا الدين باتفاق الأمة لإيمانه بأن العلي الكبير قادر على رفع محمد ﷺ إلى أي مكان وزمان بل وإخراجه خارج حدود الزمكان كما يحلو لعلماء الفلك تسميته.

لا نستطيع أن نحيط بهذا الاسم بأقلامنا ولو جلسنا نكتب لمئات السنين فتجلياته واضحه داخل عيوننا كبشر وفي مليارات الخلايا العصبية داخل أجسادنا و انسجتنا فالواجب عليك كمسلم أن تطلب من الله كل كبير ولو ظننته لن يتحقق بحساباتك البشرية المنقوصة فربنا خلق الاشياء من عدم وكوَّن الكون من نقطة بشهادة علماء الفلك اطلب من الله فهو غني اوجدك ولم يطلب منك الا الايمان لم يطلب مال ولا رد جميل ولا فوائد على سمعك وبصرك و نعمة الماء البارد ونعمة النَفَسْ بل علمك ما لم تعلم ورزقك الإدراك والفهم بعد الإسلام ووعدنا بالخلد في جنات النعيم وهذه نِعَم لن نستطيع شكرها ما حيينا والله أكبر والله اعلى واعلم.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

رأي المصداقية

1 يناير، 2021
رآي المصداقية

  كان حلما يراودنا منذ...

كتّاب المصداقية

23 أكتوبر، 2025
نصفك الأسود

ضيف الله نافع الحربي  ما...

15 أكتوبر، 2025
من جدة إلى كأس العالم

ضيف الله نافع الحربي  من...

9 أكتوبر، 2025
أخطر العقود “أنا وأنت معًا”

ضيف الله نافع الحربي  رابط...

2 أكتوبر، 2025
اقرأ لتكبر

ضيف الله نافع الحربي  لا...

أوراق أدبية