||

‏طَرائِقَ قِدَدَا

8 يناير، 2023

بقلم /مطر آل عاطف

‏ما يميز الإسلام عن غيره من الأديان أن عقيدته ذات شرط واحد وهو التوحيد فنثبت ما أثبت الله لنفسه من اسماء وصفات ونفوض كيفية صفاته إليه ونؤمن بها ولا نجعله ثالث ثلاثة كما قال النصارى جل سبحانه أو ذا يد مغلولة والعياذ بالله كما زعم اليهود فهذه صفات نقص لا كمال أما شريعتنا فنستقيها من الكتاب والسنة النبوية المطهرة فقط، يليها إجماع الصحابة والتابعين واجتهاد العالم وبعض المذاهب تجعل الاستصحاب والذرائع والقياس إذا دعت له الضرورة كما قال الشافعي رحمه الله ، لا ينبغي لك كمسلم أن تحيد عن هذه السُبُل إلى غيرها إلا إذا زعمت انك اصوب من الخلفاء الراشدين و كبار الصحابة وام المؤمنين عائشة رضي الله عنها وغيرهم الكثير كابن عباس رضي الله عنهما.

 

‏ سَمِعتُ الله جل في عليائه يقول : وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَ ۖ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا.

‏على ألسنة الجن بعدما سمعوا القرآن من رسول الله ﷺ فآمنوا واهتدوا على النهج القويم بعدما كانوا على ملل ونِحَل مختلفة ونسأل الله لهم ولنا كل خير على استقامة صحيحه لا إعوجاج فيها ولا تَرَنُّح.

 

‏في كل عصر من العصور وبعد موت المسؤول والرائد الأول لأمر جديد كالأنبياء عليهم السلام أو قواد الدول أو أصحاب الحركات الاجتماعية تنشق فرقة فرعية عن الفرقة الأصلية لأي شيء يتكون من بني البشر على سبيل المثال لا الحصر حتى تتضح الصورة التي ارمي إليها للقارئ الكريم ، أئمة المذاهب الأربعة كانوا طلبة التابعين رضي الله عنهم أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين والتابعين كانوا طلبة أصحاب رسول الله ﷺ بعد ذلك بدأ أبو حنيفة النعمان رحمه الله يرى حدوث أمور جديدة لم تحصل في عهد الصحابة رضوان الله عليهم وهي أكثر من أن احصرها بمقالي هذا فقرر أن يجتهد وحُق لأبي حمَّاد الاجتهاد لكي لا يترك الامه بعده في حرج وهو مقتدر بإذن البارئ على أن يحتال لهم بالفقه وييسر النوازل التي نزلت عليهم بعد الفتوحات الإسلامية الضخمه في دول الأعاجم وهي اماكن لم يصل إليها بعد حجافل الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.

‏أما مالك بن أنس رحمه الله فقد بقي في الحجاز ولم يخرج منه فكان نصيبه عظيم من الآثار النبوية فألَّف اقدم كتاب تم تصنيفه لدى المسلمين وهو الموطأ للإمام مالك ولا نعرف كتاب لدى هذه الامه اقدم منه في الأوليَّة و الاصاله على حد علمي القاصر فقد أخذ أكثر مروياته من التابعين الذين كانوا أصحاب الصحابة رضي الله عنهم بل أصبحت السلسلة الذهبية كما اتفق أهل الحديث مالك عن نافع مولى ابن عمر عن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.

‏وجاء الشافعي طالب مالك بن أنس وتشدد في طريقة طلاب أبي حنيفة النعمان الذين أكثروا من القياس وقال لا يصار إليه إلا في الضرورة واُعجِب ايما إعجاب بالامام الهمام أبا عبدالله احمد بن حنبل رحمه الله وصاروا صديقين مقربين وأحمد والشافعي ومالك هم حملة لواء الحديث الشريف ورجاله وتوثيقاتهم مشهود لها بين أبناء هذه الامه المرحومه وغيرهم الكثير كيحيى ابن معين و اسحاق ابن راهويه والبخاري و مسلم فمن وثقوه أخذنا بحديثه ومن كذبوه وضعفوه تركناه فهؤلاء الأئمة مشاعلنا التي نسير بها في الظلام الحالك السواد بعد محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله الأطهار وصحبه الأخيار إلى يوم الدين.

 

‏مشكلتي هي مع الذين انشقوا عن طريق الصلاح إلى ما يُعرَف بالطرق الصوفية وشيوخها ظننت للوهلة أن شطحانهم له حد يحده و من بيننا سد يسدُّه لكننا في عصر الشبكة العنكبوتية وما أوسع الفضاء الإفتراضي الذي صار فيه كل ما هب ودب بلا رقيب ولا حسيب.

‏فمذ بدأ بعضهم (شيوخ الطرق الصوفية) بتأليف اوراد واذكار للمريدين له والطلاب الذين يستمسكون بكلامه ليست في الصحيح مما روي عن النبي ﷺ بكلمات مسجوعه بشكل متقن وغريب يدعو الله بها إلى الزعم من بعض شيوخ الطرق بأن مَلَك السيئات لا يحسب سيئاته فقط مَلَك الحسنات يسجل له ، إلى الولوج والعياذ بالله في السحر والشعوذة واعتبارها كرامات مثل كتاب شمس المعارف المشهور بين العوام كان لطالب ومريد لأحد شيوخ الطرق الصوفية ظن أنه مُلهَم من الله وسيمشي على الماء ويطير في الهواء فأَلَّف كتاب في السحر ظن أنه فتح من الله عليه، له وزره ووزر من تتلمذ عليه و نفث في العُقَد بواسطة هذا الكتاب إلى يوم الدين وغيره من الكتب اسأل الله أن لا يرينا إياها ولا يعرفنا عليها؛ وتَرَكْ الاذكار اليوميه التي أوصى بها نبينا محمد ﷺ بأسانيد صِحاح مِلاح جياد في الكتب الستة وغيرها كصحيح ابن حبان ومعجم الطبراني و العشرات من تصنيفات أهل الحديث.

‏وهذا كله والله اتجاوزه وانا كاره له لأنه لا يمكنني ككاتب مغمور أن أوقفه ولكن ما لا استطيع ان اكتم غيظي عنه وهو المهازل التي حصلت فيما يعرف عند الطُرُقِيين والمتصوفة بالمولد النبوي الذي لا يعرف احد على وجه الدقة اليوم الذي وُلِد فيه نبينا ﷺ ومع ذلك تقام الاحتفالات و الاجتماعات التي لم يفعلها لا صحابي ولا تابعي ولا إمام معتبر من أهل الحديث الذين شغلهم الشاغل هو جمع ما قال نبينا ﷺ وشمائله و صفاته وكيف كان تعامل أصحابه معه بأبي هو وأمي ؛ (صدمني منظر بعد ان قامت مجموعه من هؤلاء بجلب فرقة موسيقية في المسجد بالآلات) ولَمْ الناس وشيوخ الطريقة و مكبرات الصوت والبدء بالطبل و العزف داخل المسجد غناء لأجل رسول الله ﷺ و في المنتصف من بيت الله والحضور الجماهيري الكبير يحُفُّه من كل جانب وهذا مؤشر خطير بصفتي محب لعلم التاريخ و أخباره و كلامي ها هنا أمني بحت وليس عَقَدي نهائياً وإن كان في ظاهرِه مصيبة في العقيدة الصحيحة للمسلم لأن التاريخ يخبرني الفرق الباطنية كالإسماعيلية و الحشاشين فرقة ابي الحسن الصبَّاح بدأت كفرق منشقة مجاورة بهدوء لأهل السنة والجماعة فأصبحوا فِرَقْ عَقَدِية قائمة بذاتها لها اصول ومتون لعلومها وتفاسير خاصة بالقرآن وطقوس موسمية عجيبة وغريبة فانتبذت عن جماعة المسلمين إلى جبال و منحدرات وشِعاب وتركت المدن والقرى الكبيرة لانه لا يوجد لهم قبول ورضى من العوام وانظر لمواطنهم التاريخية كالحشاشين و الإسماعيلية بدون ذكر اسماء ستكتشف صِحَّة كلامي وجب اليوم على كل من يملك ولو علم يسير أن ينبذ مثل هذه السلوكيات الشاطحة تماماً وان يحذر من مغبة الانخراط فيما يعرف بالطرق الصوفية وتعظيم قبور الصالحين وخلافه فعملك الوحيد كمسلم ومسلمة أن تتبع نبينا محمد ﷺ لا أن تبتدع وتأتي بما يَمُجُّه العقل لأنه لا يصلح أن تتوكل على الله الملك الكبير المتعال ثم تُعَظِّم قبور الائمة والصالحين بل حتى الانبياء والمرسلين لا يجوز أن نتوسل إليهم بشيء فقد افضوا إلى ما قدَّموا كيف تتضرع إلى الله الباقي والوارث لكل ما حولنا بأسماء أناس في ثنايا دعائك له يموتون ويفنون وأصبحت عظامهم رفات لا يضرون ولا ينفعون وكأنك تهدد الله بهم وبأسمائهم وهو الذي قَبَض ارواحهم وسيحييهم جميعاً يوم القيامة ليحاسبهم على ما كسبوا من حسنات وسيئات كيف تغفل هذه الامخاخ عن المحيي المميت و ترتكز على مخلوقين من طين يفنون…يقول المتنبي عن حال الدنيا و الناس فيها من قصيده رائعه في رثاء ام سيف الدولة الحمداني :

‏وَما أَحَدٌ يُخَلَّدُ في البَرايا

‏بَلِ الدُنيا تَؤولُ إِلى زَوالِ

‏يُدَفِّنُ بَعضُنا بَعضاً وَتَمشي

‏أَواخِرُنا عَلى هامِ الأَوالي

‏وَكَم عَينٍ مُقَبَّلَةِ النَواحي

‏كَحيلٌ بِالجَنادِلِ وَالرِمالِ .

 

‏نعم لقد تَكَحَّل موتانا رحمهم الله جميعا بالتراب وشبعوا موتاً ولا يريدون إلا الدعاء والصدقات عنهم وهم ابعد ما يكونون عن التوسل بجاههم إلى الله الغني الذي يملك كل شيء.

‏لقد رشد الجن بعدما سمعوا تلاوة القرآن العربي المبين من فم نبينا ﷺ و ما يسمى بالصوفية ومن لف لفَّهُم لم يرشدوا ولن يرشدوا والذي يهُدّ اركان اشجاني هو أن حرمة صنعهم هذا لا تحتاج لخبير أو عالم في العقيدة فأبسط عامِّي من العوام سيضحك ويستنكر على مجموعة أشخاص يتقافزون أعزكم الله كالقرود الهائجة داخل بيت الله ؛ لقد اقتنعت في داخلي تماماً أن هولاء مظطربين و ليسوا مُتَّزِنين وابعد ما يكونون عن ما يسمونه الانجذاب والخشوع 

‏هذا اظطراب ومشكلة نفسية واجتماعية قبل أن تكون مقتل في المعتقد الديني ولن ينتهوا حتى تفهم الناس أن الحديث الشريف ورجاله و علومه هم المعين الذي لا ينضب وإن علم الجرح والتعديل هو أحد أُسُسْ هذا الدين الحنيف فنحن أمة إسناد وليس أُمة طرق و كرامات مفتراه و مضحكه حد العجب وهذا لا يتأتى فهمه من الأجيال الجديدة (إلا حينما تتوقف القنوات الفضائية الخاصة عن استضافة المتردية و النطيحة لنقد البخاري ومسلم و كتب الحديث الشريف ورجاله) وكأنهم أهل لذلك مع العلم انهم لا ينتقدون من يطرب ويضرب الدفوف ويتمايل في المساجد وهذا يدل على أن انتقادهم للسلف وتطاولهم على القمم على غير علم و فهم ، فنحن السبب في كثير من الأحيان لما نراه من مهازل استفحلت بشكل كبير و لكن فلنتعزَّى بقول الله:

‏إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

رأي المصداقية

1 يناير، 2021
رآي المصداقية

  كان حلما يراودنا منذ...

كتّاب المصداقية

23 أكتوبر، 2025
نصفك الأسود

ضيف الله نافع الحربي  ما...

15 أكتوبر، 2025
من جدة إلى كأس العالم

ضيف الله نافع الحربي  من...

9 أكتوبر، 2025
أخطر العقود “أنا وأنت معًا”

ضيف الله نافع الحربي  رابط...

2 أكتوبر، 2025
اقرأ لتكبر

ضيف الله نافع الحربي  لا...

أوراق أدبية