||

انثروبولوجيا الأطلسي

28 نوفمبر، 2022

بقلم/ مطر آل عاطف

 

 

‏منذ بدايات القرن المنصرم كانت خيوط المسرح الغربي شبه منسوجه للرجل الأبيض سواء سياسياً كان مثل شارل ديغول وونستون تشرشل ومارغريت تاتشر وعليه ايضا جميع الرؤساء البيض للولايات المتحدة الأمريكية أو فنياً وكانتا موسيقى الكانتري ميوزك والروك تتصدران المشهد واول أبطالها كانوا عائلة كارتر الأمريكيين البيض و جيمي رودجر و بدأت الحقبة الثانية في الستينات مع ظهور ايرل سكورغز وجوني كاش بالإضافة لجورج سترايت بل حتى رياضياً كان معظم المشاهير العالميين بيض البشرة إذا ما استثنينا المثلث الأسطوري بيليه مارادونا ونجم النجوم محمد علي كلاي فجميع ما سواهم كانوا بيض سواء في البيسبول أو كرة القدم الأمريكية بل حتى كرة القدم العالمية كان متربع على عرشها يوهان كرويف الهولندي وميشال بلاتيني بالإضافة للاسكتلندي كيني دالجليش وغيرهم الكثير وكذلك على الصعيد الفني أغلب الممثلين و الفنانات سواء للشقين الغنائي و السينمائي كانوا من الغرب بِيض على سبيل المثال لا الحصر من الإناث اليزابيث تايلور المشتهرة بقطة هوليوود واودري هيبرون صاحبة الرموش الطويلة وأخيراً وليس آخراً صوفيا لورين و لا ينبغي أن نتجاوز من الذكور مارلون براندو وجاك نيكلسون واخيرا وليس آخراً نجم الخمسينات جيمس دين والحق يقال انهم اصحاب موهبة وليس جمال عادي فقط ولا عجب أن يكونوا وجبة رئيسية للعيون فهم أرباب رؤوس الأموال وكارتيلات الاعلام السياسي و الفني والرياضي لم يكن غير الابيض يكاد يُذكر عمداً، إلا حينما ظهر اضراب مارتن لوثر كينغ القائد الشعبي لحركة السود و مالكوم اكس و الرياضي المناضل محمد علي كلاي رحمه الله فمواقفهم لإيقاظ همم السود في امريكا آتت اُكُلَها بقوة بالمواقف والفِعال وليس الكلام وحده بل تأثر بهم المكسيكين و السكان الأصليين أو ما يعرف بالهنود الحمر وهي تسمية خاطئة فالمستعمرين لقارة امريكا من سماهم بالهنود بينما هم سكان اصليين ومعروفين بقبائلهم كالأباتشي والشيروكي.

‏واليوم نرى هذا بأبصارنا فمنتخب فرنسا الذي حقق كأس العالم في روسيا لعام ٢٠١٨ كان ثلثي لاعبيه من السود ؛ولا زلت أذكر سخرية الكوميدي الجنوب افريقي تريفور نواه حينما وضع صور لاعبين منتخب فرنسا وقال فازت افريقيا بكأس العالم لدرجة أن السفير الفرنسي في الولايات المتحدة الأمريكية ارسل خطاب شخصي لتريفور يوبخه ويشعره بالامتعاض من صنع الاخير والاستهتار بمشاعر كل ماهو فرانكفوني فما كان من نواه إلا وضع خطاب السفير أمام الكاميرا وزيادة السخرية منه ومن البيض في فرنسا بأنهم يحاولون حتى منع الأفارقة من الفرحة التاريخية.

‏نعود للولايات المتحدة زعيمة كل ماهو جديد ثقافياً على الأقل مع نهاية الثمانينات بدأ الكثير من المشاهير بالظهور على الشاشة من غير البِيض عندك مثلا مغنين الراب كتوباك شاكور وبيجي وسنوب دوغ ومايكل جاكسون وفي العصر الحالي سيلينا جوميز وكانيي ويست وبيونسيه وزوجها ملك الهيب هوب جي زي و غريبة الأطوار ريهانا أما عن الصعيد السينمائي فكلنا نشاهد سحق ويل سميث وذا روك لجميع منافسيهم وتصدرهم بقوة لشباك التذاكر بلا منازع يضع كتفه بأكتافهم حتى على مستوى الكوميديا صار اليوم كيفن هارت في كل مكان إما في الأفلام أو الستاند اب كوميدي (إلقاء النكت والطرائف على المسرح ) حتى أن أفلامه غطت على افلام أيقونة الكوميديا جيم كاري -برأيي الشخصي- وتصدَّر لاعبين كرة السلة الأمريكية الذين تطول قائمتهم مثل جوردن و ايوينج وكريم عبد الجبار الذي يروى في الوسط المهتم برابطة السلة الأمريكية أنه يبغض البِيض بسبب تنمرهم عليه في مرحلة الطفولة وله مواقف محزنة مع الشرطة الأمريكية وهو في سن المراهقه وانصح من يرغب بالاستزادة الرجوع لقناة REBOUND على يوتيوب 

‏الخاصة بتقارير عن تاريخ لاعبي رابطة كرة السلة الأمريكية NBA وفي الوقت الراهن رؤوس اللعبة ستيف كوري و كيفن ديورانت وجيانيس وليبرون والكثيرين جداً جداً كلهم أفارقة أمريكيين والملاكمين امثال تايسون وهوليفيلد ولينوكس ليويس وفي الوقت المعاصر من المعتزلين للتو مايويذر وماني باكياو الفلبيني وغيرهم المئات كل هؤلاء من عرقيات غير بيضاء حتى رابطة اليو اف سي حاولت التركيز على البيض في بطولاتهم مثل مكغريوغور ولكن هزمه البطل القوقازي حبيب نورماغندوف ولقَّمه الحجر أمام العالمين والشقراء روندا روزي التي لم تبق مجلة لم تتصور معها وبكل أسف بعيد عن مهاراتها في الدفاع عن النفس بل لعرض جسدها بالملابس الداخلية فهي مقاتلة وجميلة صعدت بسرعة الصاروخ وهبطت بسرعة الصاروخ بعدما هزمتها البرازيلية اماندا نانس بلكمات كالمَدَافِع أمام جمهور الفنون القتالية المختلطة وأصبحت الأخيرة ونورماغندوف ايقونات الفنون القتالية حول العالم وللامانة العلمية بات اللاعبين القوقازيين والبرازيليين والبرازيليات في القسم النسائي هم المسيطرين على الاحزمة السؤال هنا ما الذي حدث ولماذا في الولايات المتحدة صار يبرز كل ماهو غير ابيض هل حصل اكتفاء ثقافي اجتماعي للبيض بعد سيطرتهم للقرن المنصرم على الفن واهله والرياضة وربوعها لماذا لا تبرز خامات فنية ورياضية بيضاء بل حتى سياسية بعد فوز اوباما بدأ الديمقراطيين بإدخال كل الاعراق في صناعة القرار السياسي وقيادة الحزب والمتحدثين والمتحدثات باسم البيت الأبيض للصحفيين ولديك في المملكة المتحدة فقد سحق سوناك رئيس الحكومة البريطاني من اصل هندي منافسيه البيض وصار رأس صناعة القرار في انجلترا .

 

‏هناك أسباب عِدَّة للانغسال الثقافي الذي أصاب البيض فأصبحوا للغرب مُحَنَّطين وعلى عادتهم غير مرحبين بأحد سواهم وانا لا زلت أذكر إبان فترة الدراسة المتوسطة وكأنها امامي هذه الذكرى بأشخاصها الذين لا ادري اين أراضيهم اليوم حفظهم الله وقت استماعنا لاغاني الراب فيفتي سنت da club وآشر yeah yeah وكنت مجتمع أنا وزملائي بين فترتي الاختبار النهائي نشغل الموسيقى ونسمع ونستمتع ونتعرف على هذه الإثارة التي صدرت من الأراضي الأمريكية وعلى العموم فثقافة الهيب هوب مرحبة وللجميع ليست حكرا على الأفارقة الأمريكيين ولك في ايمينم الابيض الأمريكي خير مثال الذي شق طريقه للقمه من خلال الراب ، ووزد على ذلك الطعام المكسيكي الذي غزى أنحاء الولايات المتحدة كالبوريتو والفاهيتا اصبح محبب للبيض أكثر من طعامهم كيف لا وفي أغلب الافلام الأمريكية تجد البطل يتناول الطعام المكسيكي أو يذهب للحي الصيني ويتناول طعامه بالتشوب ستكس فالابيض منفِّر وطارد للمهاجرين أو المقبلين الجدد ويسعى قدر المستطاع أن يظهرهم بصورة سالبه لكنه فشل على الصعيدين الرياضي والفني فهذان لمن يملك موهبه حارقه كلاعبين كرة السلة أو كرة القدم الأمريكية و المغنين و المغنيات أصحاب الاصوات الخلابة أو الالحان الآسرة للقلوب هذه أمور لاتحكمها إلا القدرات و الاستطاعة لا ينفعك لونك في رياضة حمل الأثقال على سبيل المثال بل عضلاتك التي وهبك الله إياها 

‏ومن لطيف ما يذكره اصدقاء بطل مستر اولومبيا لسنين عديدة روني كولمان الذي اعتزل بسبب كسر في عموده الفقري أن الأوزان التي كانت في زاوية لوحدها في النادي كانت مغبرة لأن لا احد يقربها حتى الابطال إلا في آخر جلسة نظفها روني وبدأ بإدخالها في برنامجه التدريبي ليصبح بطل ولم يقرب الأوزان العاديه وكان يقول زميله أننا كنا نتدرب بأقصى جهدنا ويأتي روني ليسخن بآخر الأوزان الثقيلة التي حملناها فهي تسخين بالنسبه أما الدنابل الثقيلة فكان لا يحملها كالرضيع بين يدي أمه إلا روني الذي بسبب إصابته ترك خانة كبيرة لم يستطع أحد من أن يملأها في تاريخ مستر اولومبيا حتى ارنولد شوارنزنجر معشوق الكاميرات والصحف الصفراء.

‏ما لا يدركه الناس هو أنه بعد حادثة رودني كينج عام ١٩٩١ سائق الأجرة الذي إلتموا عليه خمس رجال شرطة بيض وضربوه ضرب مبرح بالعصي و رذاذ الفلفل حتى لم يتركوا موضع بنان إلا ضربوه وصارت قصته ام الفضائح لجناية البيض على السود في امريكا لم يستطع البيت الأبيض إلا التماشي مع الإرادة الشعبية بتهدئة الأوضاع وان كان قد نجا كل من اشترك في ضرب رودني أمام القضاء لكن فسح المجال لكل ماهو غير ابيض صار سهلاً بفضل هذه الحادثه ، حتى أو جي سيمبسون المتهم بقتل زوجته ورفيقها نادل المطعم بالقضيه المشتهرة بمحاكمة القرن بعد ما القي عليه القبض تعمدت وزارة العدل الأمريكية أن تأتي بهيئة محلفين من الأفارقة الأمريكيين حتى تتم تبرئته ويهدأ الشارع الاسود ويطمئن اللاتينيين و غيرهم من الاسيويين المقيمين على الأراضي الأمريكية برساله مفادها واضح لا تيأسوا منا إننا لسنا عنصريين؛ بينما أنا اقرأها بالشعبي (هدينا اللعب) واعتقد على جميع الأصعدة وبدأوا بالاهتمام باشياء غريبة الاطوار كدعم المثلية والترويج لها وإجبار العالم بأي شكل أن يصبح نباتي التغذية و تخريب عقول الأطفال بالزج بحقوق المثليين في الكتب والمناهج الدراسية بل حتى ابطال افلام الكرتون في احدث الاصدارات جعلوا سوبر مان شاذ جنسي بالاضافة لباز يطير ؛ توقف الإنتاج المخضرم إلى أجل غير مسمى!!!.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

رأي المصداقية

1 يناير، 2021
رآي المصداقية

  كان حلما يراودنا منذ...

كتّاب المصداقية

23 أكتوبر، 2025
نصفك الأسود

ضيف الله نافع الحربي  ما...

15 أكتوبر، 2025
من جدة إلى كأس العالم

ضيف الله نافع الحربي  من...

9 أكتوبر، 2025
أخطر العقود “أنا وأنت معًا”

ضيف الله نافع الحربي  رابط...

2 أكتوبر، 2025
اقرأ لتكبر

ضيف الله نافع الحربي  لا...

أوراق أدبية