||
مريم صميلي
كنتُ دائماً أؤمن ان للعبور عدة أوجه ،،
فقد نعبر شارعاً بكل بساطه ،
قد نعبر سور حديقه ، قد نعبر نهراً ، وقد نعبر محيطاً أو قاره …
قدمينا لنعبر الشارع أو السور وربما ساعدتها كفينا ،،
قارب صغير لنصل ماوراء النهر ،
باخره أو طائره لنعبر إلى البعيد المكاني ،،،
لكن ماذا لو عبرنا إلى أبعد من ذالك ؟ ماذا لو سافرنا إلى داخلنا كأبعد رحله قد تكون ؟ ماهي وسيلة السفر ؟ ماشكل الجانب الاخر بعد الوصول ؟ كل تلك الأسئله حارت في عقلي عندما تيقنت أن لكل منا سُلم ودهليز يمتد من عينيه إلى أقصى نقطه في روحه .. وأن رحلة العبور تلك تستلزم روحاً أخرى تحملنا معها عبر بُعدٍ أثيري إلى الجهه الأخرى ، حيث نلتقي بالنسخه الحقيقيه منا ، بالماهيه الأصليه والجوهر الثابت لنا ،،
أحيانا تعبر شارعاً فتشعر أنك خُضت فيه معركه في حلم سابق أو ربما حياةٍأخرى ،، قد تشعر أيضاً أنك كنت شرطي مرور وكنت تحترق من حرارة الشمس به مع أنك طالب طب !!!
قد تتخيل أن مطراً هطل وبللك بالكامل بينما كنت تودع حبيباً بين جنباته ،، وقد يتنامى إلى عقلك أنك طفل تعدو خلف بالونه حمراء أَفْلتّها من يديك غير آبه بحركة السير فيه ،، كل تلك المشاهد تتوالى على مخيلتك في غضون ثوانٍ معدوده أثناء عبورك وكأنك فعلاً بشكل أو بأخر كنت هنا عبر روح أخرى !!
في زاوية أحد المقاهي يتصاعد دخان القهوه الساخن يلفح وجهك ويستعصف ذاكرتك الأثيريه ،، أو ماقبل الذاكره !
قد ترقص بجنون أمام عيناك شخصية تُشبهك عبر لوحةٍ فنتازيه مبهره وصامته إلا من صوت أنفاسك ، قد تشهد على دموعها المترقرقه على خد الطيف وقد تلمس ابتسامتها المشعه بلون الأوركيد في سرداب رماااااادي ..
كل تلك الصور تتوالى أمام ناضريك في ثوان معدوده وكأن دخان القهوه أدخلك في جلسة تنويم مغناطيسي كُنتَ أنت فيها النائم والمُنَوم في ذات اللحضه !!!!
هنالك مكان نَشْتّمُ فيه رائحة غير مصنفه لا إلى عطور ولا إلى غازات نفاثه ولا حتى كروائح الطبيعه المنتشره في ذاكرتنا البشريه ، رائحه تشبهنا إلى حد ما في وقت سابق أو حياة اخرى ،، نبقى وتبقى ويبقى مابيننا متصلاً إلى مابعد عقارب الساعات وأيام التقويم !!
السر أن روحاً اخرى حَملتك إلى هذا المكان يوماً ما وحتماً كنت تلعب دور البطوله حينها …
لا أعلم ماهذا الهذيان الصباحي لكن ذالك ماشعرتُ به عندما وقفت ُللمرةِ ألاولى أمام عربة بائع البطاطس ، شعرتُ أنني أعرفه ولكن ليس قبل يومٍ أو عام او ثلاثون عام !!!
ربما كُنّا زميلي ّدراسه في جامعةعلومٍ ثقافيه على كوكب زحل في حلم من أحلامي ؟
وربما كان من أصدقاء حبيبي المقربين وكان يُعد لنا عقداً من زهور في مراسم زفافٍ هندي ؟
ربما كان طبيباً تبرع لي بالدم اثناء تعرضي لحادث سير عندما كنت أهاجر من الزهره إلى المشتري !!!!
شعرت ُبهذا الهذيان عندما كنت ُفي باص الجامعه وكان يسلك ذالك الطريق مرةً كل عام بسبب زحمة السير أو مزاج السائق …
حينها كنت ُ أراني منذ إشارة المرور إلى أكبر بنايات الشارع منتهية إلى ميناء المدينه ،، لم أكن أَمُر بجوامد ، كنتُ أمر بي حقاً ولكن لم أستطع احتضاني كان بيني وبين نفسي ثقب أسود مريع وكانت تلك الرائحه التي أعرفها جيداً حتى قبل ان أولد تملاء روحي ،،،،
شعرتُ بهذا الهذيان عندما اختطفني طيف يشبهني جداً في ذالك الحي القديم هرول مُمسكاً بيدي مبتعداً عبر بوابة زمن إلى عالمٍ أخر استعدت فيه صوتي الأبكم وبصري الكفيف واستمعتُ جيداً إلى نبضي حتى انني ترجمته ُإلى نوتات قيثاره لم تكن خرساء أبداً إلا في عالمي!!!!
حقاً راقصتُ طيفي وشعرتُ بهالةٍ غريبه تتلبسني ، ربما ايضاً روح …
كل مانحتاجه لنعبر العبور الحقيقي هو روح ..
روح تعكسنا نقف أمامها كمرآه تُسلمنا إليها وتُسلمنا إياها عبر بوابه أثير …
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020