كل ما في الوجود لا بد أن يبدأ لينتهي فلكل بداية لا بد لها من نهاية تخبر بحقيقة لا يمكن لعاقل أن ينكرها وهي متبلورة المعنى في قوله تعالى 🙁 كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) . سورة الرحمن .

أي لا خلود في الأرض لأي شي سواءً معنوي أو حسي ،
و لو تأملنا ما حولنا بنظرة طويلة المدى نجد أن كل بداية لشيء تنبئنا بنهايتها منذ نبضتها الأولى للحياة ،فعندما يأتي المولود بلا ثوب ويغسل ويوضع في قطعة قماش ينبئنا بالنهاية عندما يعود للأرض بلا ثوب ،وعندما نمشي في طريق أو في السفر نعلم منذ البداية أن الرحلة ستنتهي حتمًا في مكان ما في زمن ما ، وعندما نقرأ كتابا من مقدمته نتيقن أن له نهاية ..

وهكذا كل مافي حياتنا ولكن هناك بعض أعمال القلوب التي يتيقن الإنسان بأن لها نهاية.. ولكن يرسمها هو حسب مخيلته وإحساسه وعاطفته ، وقد يتجاهل ويتغافل ويتناسى أي إشارة لحقيقة واقعة يرسلها له عقله وهذا غالبًا ما نلمسه عندما يتمسك الإنسان بشي ويخشى فقده كأن يكون له عزيز مريض يشير كل مافيه أنه سينتهي ويموت ويعجز الأطباء عن علاجه، بل قد يصل إلى سكرات موته عندها يرفض القلب المحب لهذا المريض الموت وأن تيقن أنه مصير كل حي ، ولكن لا يسمح لخياله أن يكون هذا الموت لحبيبة او عزيزة .

ونرى هذا أيضا في حالة الحب والعشق العميق للشيء الذي يخشى الإنسان فقده ، فيهرب من واقعه ليعيش حلم يتلذذ به ويأبى الاستيقاظ منه، رغم كل الأجراس منذ البداية تنبهه أنه لا نصيب ولا سبيل له في هذا الحب ، وأن الفراق قد استقبله منذ بداية الطريق ولكن لشدة حبه اغمض عينيه وتجاهله. هنا تتجلى حكمة الخالق الحنان المنان الذي خلق الإنسان وعلمه الحكمة والبيان بأن كل من عليها فان ، وأكرمه بنعمة النسيان ، ليكمل مسيرته في الحياة وأن تكالبت عليه النكبات وتألم من قسوة الصدمات .

فلنبصر حقيقة الحياة و نتيقن النهاية منذ البداية. دمتم بنور البصر والبصيرة تحت ظل الرضا و السكينة والنهايات السعيدة الجميلة ..