||
تقرير
ناصر العمري
@NasserNssn4
٦ – نبي الله إبراهيم عليه السلام
إنَّ المدّة بين هبوط آدم -عليه السّلام- ومولد إبراهيم -عليه السّلام- هي ثلاثة آلاف وثلاثمئة وسبع وثلاثين سنة وقال علماء السِّيَر إنَّ ذلك كان في زمن النَّمرود الجبار الذي كان يقتل كلّ من يولد من الغلمان في زمنه، وقد رأى رؤيةً فسّرها المُنجِّمون والكُهّان له بأنَّه سيُولد مولودٌ يفارق دينهم ويكسر أوثانهم مواصفاته كذا وكذا، وهي مواصفات إبراهيم -عليه السّلام
وقد ذكر في التاريخ أن سيدنا إبراهيم عليه السلام قد توفي بشكل مفاجئ بسبب إصابته بمرض ما، أما بالنسبة إلى عمره عندما توفي فكان هناك عدة أقاويل في ذلك، قال البعض أن عمره كان 175 سنة، وقال البعض الآخر أن عمره كان 190 سنة، بينما ذكرت فئة أخرى من المؤرخين والعلماء أن عمره عند الوفاة كان 200 سنة.
بالنسبة إلى المكان الذي دفن به به سيدنا إبراهيم عليه السلام، فقيل أنه بجانب زوجته سارة بمغارة في “حبرون”، وهي مدينة الخليل في الوقت الحالي، وموجودة في فلسطين، حيث تم دفنه من خلال ولديه إسماعيل وإسحاق عليهم السلام جميعاً.
٧ – نبي الله لوط عليه السلام
عاش لوط -عليه السّلام- مئة وثلاثين عاماً (130)،وهاجر لوط -عليه السّلام- مع عمِّه إبراهيم -عليه السّلام- إلى مصر، وعاد معه إلى الشام، وأقام في منطقة سَدوم، وهي قريةٌ تقع شرق النّهر في غور الأردن على البحر الميّت، وكان أهلها كافرين ويرتكبون الفاحشة، كما ذُكر في قوله -تعالى-: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ* أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ).
فكان لوط -عليه السّلام- يدعوهم إلى ترك فعل الفاحشة، ولكنَّهم أصرّوا على فعلهم، فتوعدَّهم لوط -عليه السّلام- بالعذاب الأليم من الله -تعالى، فلم يزدهم ذلك إلا عناداً واستكباراً، كما قال الله -تعالى- على لسانهم: (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّـهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)،
ممّا دفع لوط -عليه السّلام- إلى طلب النّصرة من الله سبحانه وتعالى بسبب تماديهم بالطغيان. وكان قوم لوط يعبدون عدداً من الأصنام، وقد اخترعوا أسلوباً في الإشباع الجنسي لا يعرفه أحداً غيرهم، فكان الرّجل يأتي الرّجل سعيداً بفعلته، وهذا من الشذوذ المُعارض للفطرة الإنسانيّة، كما وصفهم الله تعالى في قوله: (وَلوطًا آتَيناهُ حُكمًا وَعِلمًا وَنَجَّيناهُ مِنَ القَريَةِ الَّتي كانَت تَعمَلُ الخَبائِثَ إِنَّهُم كانوا قَومَ سَوءٍ فاسِقينَ).
٨ – نبي الله إسماعيل عليه السلام
عاش إسماعيل -عليه السّلام- مئة وسبعة وثلاثين عاماً (137)، وهو النبيّ الذَّبيح كما ثبت على الصّحيح، وأمُّه هي هاجر، وقد تركه والده إبراهيم -عليه السلام- بأمرٍ من الله -تعالى- هو وأمّه هاجر في الجبال دون زاد واثقاً بأمر الله -تعالى-، ونقل ابن أثير أنّه سكن إسماعيل -عليه السّلام- هو وزوجته في الحرم، وهي امرأة من جرهم تركها بأمرٍ من أبيه إبراهيم -عليه السّلام-، ثم تزوّج من امرأة أخرى رضيها له والده، فولدت لإسماعيل -عليه السّلام- اثني عشر رجلاً، ودُفن عند قبر أمّه هاجر بالحِجر.
٩ – نبي الله إسحاق عليه السلام
عاش إسحاق -عليه السّلام- مئة وثمانين عاماً (180)، واسمه إسحاق بن إبراهيم -عليه السّلام-، أي أخو إسماعيل -عليه السّلام- الأصغر، وأمَّه سارة التي بُشّرت به وعمرها تسعين سنة، ووالده عمره مئة سنة، قال -تعالى-: (وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ* وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ)، وقد ذكره الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- في قوله عن يوسف -عليه السّلام- بأنَّه: (الكريمَ ابنَ الكريمِ ابنِ الكريمِ ابنِ الكريمِ يوسفُ بنُ يعقوبَ بنِ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ) وقد تزوّج إسحاق بعمر أربعين سنة، وكان ذلك في حياة والده، وزوجته هي رفقا بنت بتواييل التي أنجبت له ولدان هما: العيص وهو والد الروم، ويعقوب الذي ينتسب له بني إسرائيل.
وقد انحصرت النبوّة بعد إبراهيم -عليه السّلام- في ذرّيّته، قال -تعالى-: (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ) وقد قُسِّمت النبوّة بين ولدي إبراهيم -عليه السّلام- إسماعيل وإسحاق -عليهما السّلام-، فجاء النِّصف الأوّل من الأنبياء من ولد إسماعيل -عليه السّلام- حيث نشأ في العرب، والذي كان من ذرِّيّته محمد صلّى الله عليه وسلّم والشطر الثّاني من الأنبياء كان من إسحاق -عليه السّلام- الذي وُلد له يعقوب المعروف بإسرائيل، والذي جاء من ذرّيّته أنبياء بني إسرائيل، فكان كلّ نبيّ منهم يُتمِّم ما جاء به مَن قبله من الأنبياء ولا ينسخه.
١٠ – نبي الله يعقوب عليه السلام
عاش يعقوب -عليه السّلام- مئة وسبع وأربعين عاماً 147 وقيل إنَّه عاش مئة وخمسين عاماً (150)، واسمه يعقوب بن اسحاق، اشتُهر باسم إسرائيل، ويعني بالعربيّة عبد الله، وقيل إنَّ كلّ الأنبياء كانوا من صلبه إلّا عشرة منهم، وأنجب اثنا عشر ولداً عُرفوا بالأسباط، ومنهم يوسف -عليه السّلام-، وقد كلَّف الله -تعالى- يعقوب بالرّسالة وبعثه إلى قومه، وكان يوصي أبناءه بدين الله -تعالى-، قال -تعالى-: (وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ).
١١ – نبي الله يوسف عليه السلام
عاش يوسف -عليه السّلام- مئة وعشرين عاماً (120)، وجاء في التّوراة أنَّه عاش مئة وعشرة سنوات (110)، واسمه يوسف بن يعقوب من رُسل الله إلى بني إسرائيل، وقد عُرفَ بكرم خُلُقه وسلوكه، وقد روى البخاري عن رسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (سُئِلَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: مَن أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قالَ: أَتْقَاهُمْ لِلَّهِ قالوا: ليسَ عن هذا نَسْأَلُكَ، قالَ: فأكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ، ابنُ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ)، ويوسف هي كلمة عربيّة تَرجع إلى الحزن والأَسف، وهذا يتناسب مع حياة يوسف -عليه السّلام- المليئة بالمِحن والمشاق، وقد خُصِّصت سورة كاملة باسمه في القرآن الكريم، وكان -عليه السلام- يتميّز بحُسن الخِلقة. وقيل إنَّه عاش مئة وخمسة وعشرين عام (125 عام)، وقد فارق والده وعمره اثنين وعشرين سنة، وأقام معه سبع عشرة سنة.
١٢ – نبي الله شعيب عليه السلام
خلت كتب المؤرّخين من تحديد الفترة الزّمنيّة التي عاش فيها شعيب -عليه السلام- بشكل دقيق، لكنَّهم ذكروا أنَّه عاش في الفترة بعد لوط -عليه السّلام-، لقوله -تعالى- بعد ذكر قصّته في القرآن الكريم: (وَما قَومُ لوطٍ مِنكُم بِبَعيدٍ)،وكان قبل موسى -عليه السّلام- لقوله -تعالى- بعد ذكر عددٍ من الرّسل ومنهم شعيب -عليه السلام-: (ثُمَّ بَعَثنا مِن بَعدِهِم موسى بِآياتِنا إِلى فِرعَونَ وَمَلَئِهِ).
وقيل إنَّه عاش أربعمئة عاماً (400)، وقد عاصر إسماعيل وإسحاق -عليهما السّلام-، ويرى بعض المؤرخين أنَّ نسب شعيب -عليه السّلام- ينتهي إلى الكلدانيين، وذكر ابن عساكر أنَّ أمّ شُعيب هي بنت لوط -عليه السّلام-، وكانت ممَّن آمن بسيّدنا ابراهيم -عليه السّلام-،[١٨] وأُرسِل إلى أصحاب الأيكة، لكنَّهم كذّبوه، فأهلكهم الله -تعالى-، ونجّى شعيب -عليه السّلام- ومن آمن معه، وقد وصَفه الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- فقال إنَّه خطيب الأنبياء، وذلك لشدّة حِلمه على قومه بالرغم من تكذيبهم له.
١٣- نبي الله أيوب عليه السلام
عاش أيوب -عليه السّلام- ثلاثاً وتسعين عاماً (93)، هو رجلٌ من الروم، ونسبه أيوب بن موص بن زراح بن العيص بن إسحق ابن إبراهيم، وهذا ما ذكره ابن اسحاق، وذكر غيره أنَّه أيوب بن موص بن رعويل بن العيص بن إسحق بن يعقوب، والصحيح أنَّه من سلالة العيص، وكان يسكن في منطقة الثنية بحوران، وابتلاه الله بالمرض سنواتٍ طويلة، وذُكرت قصّته في سورة ص، وقد بعث الله -تعالى- بعده ابنه البشر بن أيوب وسمّاه ذا الكفل، وكان يُقيم في الشّام على ما ذكره الطبري.
١٤ – نبي الله موسى و أخاه هارون عليهما السلام عاش موسى -عليه السّلام- مئة وعشرون عاماً (120)، وقد وُلد بعد وفاة يوسف -عليه السّلام- بثلاثة وستين سنة، وهارون أكبر ميلاداً من موسى بثلاث سنين، وكان عمره حين تُوفي مئة واثنين وعشرين عاماً (122)، وقد جعل الله -تعالى- موسى -عليه السّلام- من أُولي العزم من الرّسل، وقد وُلِد في وقت اضطهاد فرعون وقتل المواليد الذكور في تلك الفترة، وأيَّده الله -تعالى- بأخيه هارون نبيّاً ومُعيناً له في دعوته، قال الله -تعالى-: (ثُمَّ بَعَثنا مِن بَعدِهِم موسى وَهارونَ إِلى فِرعَونَ وَمَلَئِهِ بِآياتِنا فَاستَكبَروا وَكانوا قَومًا مُجرِمينَ* فَلَمّا جاءَهُمُ الحَقُّ مِن عِندِنا قالوا إِنَّ هـذا لَسِحرٌ مُبينٌ)، أمّا نَسَبهما فهما موسى وهارون ابنا عمران بن قاهات بن لاوي بن يعقوب بن اسحاق بن إبراهيم، وأمُّهم هي: يوكابد بنت لاوي عمة عمران، ولم يكن زواج العمة محرماً وقتها. وقد ذُكرت قصّة موسى -عليه السّلام- في العديد من المواضع في القرآن الكريم بشكلٍ مطوَّلٍ وأحياناً مختصر، ويَرجع السّبب في قتل فرعون للأبناء الذكور في تلك الفترة هو أنَّ بني إسرائيل كانوا يتدارسون فيما بينهم ما يأثرونه عن إبراهيم -عليه السّلام-، وهو أنّه سيخرج من ذرّيّته غلاماً يكون هلاك ملك مصر على يَديه، وقد كان فرعون في ذلك ّالزمان متجبّراً، وطاغياً، ويتمرّد على طاعة ربّ العالمين، وقد فرّق قومه، وذبّح أبناءهم، قال -تعالى-: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ).
١٥ – نبي الله داود عليه السلام
عاش داود -عليه السّلام- سبعين عاماً (70)، وقد دام مُلكه أربعين سنة، وأوصى بالُملك لابنه سُليمان بعد وفاته، ورُوُيَ أنَّ داود -عليه السّلام- عاش مئة عام (100)، واسمه داود بن ميشا بن عويل من ولد يهودا، أطاعه بني إسرائيل لأنَّ الله -تعالى- أعطاه مُلك طالوت، وعلّمه صنعة الحديد، وأعطاه حُسْن الصوت، وأنزل عليه كتاب الزّبور، وأَمَر الجبال والطّير أن تُسبِّح معه، ولمَّا بلغ ستّين سنةً تزوّج بِأُوريا التي ولدت له سليمان -عليه السّلام-، وقد حصلت على يده العديد من الفتوحات، مثل فتح فلسطين، وبلد عمان، ومؤاب، وحلب، وبلاد الأرمن.
١٦ – نبي الله سليمان عليه السلام
عاش سليمان -عليه السلام- اثنين وخمسين عاماً (52)، وقد دام ملكه أربعين سنة، وانفرد سُليمان هو ووالده داود -عليهما السّلام- بأن آتاهم الله المُلك والنبوّة، وقد ذكر الله -تعالى- نبوّته في القرآن الكريم بقوله: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا)، وكان عمره اثنتا عشرة سنة عندما استلم الملك، وقد آتاه الله من المُلك والحكمة ما لم يؤتِ أحداً من العالمين، وكان سليمان -عليه السّلام- هو من ابتدأ بعمارة بيت المقدس في السنة الرابعة من مُلكه. وكان قد تدرّب على المشاركة في أمور القضاء والحكم من خلال مساعدته لوالده في تدبير أمور الدولة، ورجوع والده لرأيه، وذلك لصوابه ودقّته، وقد أوصى سُليمان -عليه السّلام- مَلك الموت أن يُخبِره بموعد وفاته، فعندما أُمر بقبض روحه أخبره قبل ساعة من الوقت المحدّد، فأمر الشياطين فبنوا عليه صرحاً من قوارير ليس له باب، فاتّكأ على عصاه وهو يُصلّي، فقَبَض ملك الموت روحه وبقي متّكئاً على عصاه، فعمل الجن بين يديه وهم يحسبون أنَّه حي، فبعث الله -تعالى- دابّة الأرض تأكل عصاه، فعرفت الجنّ وقتها أنَّه مات، وهذا ما وصفه الله -تعالى- في قوله: (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ).
١٧ – نبي الله إلياس ونبي اليسع عليهما السلام اليسع وإلياس هما نبيان من أنبياء بني إسرائيل، وقد خلت كتب المؤرّخين من تحديد المدّة التي عاشها كلّ منهما، ومن ذرّيّة ابراهيم -عليه السّلام-، وقيل إنَّ اليسع هو ابن عم إلياس، وإلياس هو ابن العيزار بن هارون بن عمران، واليسع بن أخطوب، وقد أُرسل إلياس إلى أهل بعلبك، وكانوا يعبدون الأصنام فدعا عليهم، فأرسل الله عليهم مطر استمرّ ثلاث سنوات حتى طلبوا من إلياس أن يدعوا لهم أن يرفعه الله عنهم ويؤمنوا، لكن عندما دعا الله لهم وفرَّج الله عنهم لم يتوبوا، فسأل إلياس الله -تعالى- أن يقبض روحه، وقد كان اليسع تلميذ إلياس.
١٨ – نبي الله يونس عليه السلام
كان مبعث يونس بن متّى -عليه السّلام- بعد سُليمان بستمائة سنة، وقصتة المشهورة هي التقام الحوت له في اللّيل وتسبيحه داخل بطن الحوت، واستمراره فيه لمدة أربعين يوماً، ودعائه المشهور الذي ذُكر في القرآن الكريم: (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَـهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ). ومتَّى هي والدة يونس -عليه السّلام-، فكان هو وعيسى بن مريم -عليهما السّلام- مَن عُرِفا بأمّهاتهم، وقيل إنَّه كان من أحفاد بنيامين، وقد بُعِثَ لبني إسرائيل، وكان قومه يعبدون الأصنام، ولمّا نهاهم عن ذلك ودعاهم إلى عبادة الله -تعالى- وحده رفضوا ذلك، وحذّرهم بالعذاب بيومٍ محدّدٍ، وذهب غاضباً وركب في سفينة، فلم تتحرّك، وتساهم أهل السّفينة على إلقاء أحدهم بالبحر حتى تسير السّفينة، فوقعت المساهمة على يونس -عليه السّلام-، فألقوه في البحر والتقمه الحوت.
١٩ – نبي الله زكريا وابنه يحيى عليهما السلام كان عمر يَحيى -عليه السّلام- عند وفاته ثلاثين عاماً، وقد نشأ على الصّلاح والعلم، وذكره الله -تعالى- في قوله: (يا يَحيى خُذِ الكِتابَ بِقُوَّةٍ)، وقد مات مقتولاً، وقُتِلَ معه عددٌ من العلماء وقيل منهم زكريا، وقيل إنَّه مات قبل ذلك، وزكريا -عليه السّلام- هو من كفل مريم بعد وفاة والدها؛ وولدت مريمُ عيسى -عليه السّلام- بعد ولادة يحيى بثلاث سنين، وقيل إنَّه وُلد قبله بستّة أشهر .
وقد سمّاه الله بهذا الاسم للدّلالة على أنَّ قلبه حيٌّ بالمحبة، وجسمه حيٌّ بالطّاعة، ولسانه حيٌّ بالذّكر، وباطنه حيٌّ بالعلم، وقيل إنَّه أوّل من آمن بعيسى -عليه السّلام .
٢٠ – نبي الله عيسى عليه السلام لم يمُت عيسى -عليه السلام-، بل رفعه الله -تعالى- إليه، وسينزل في آخر الزمان، وكان عيسى -عليه السّلام- آخر الرّسل التي أُرسلت إلى بني إسرائيل، وكان لقبه المسيح، وكنيته ابن مريم، وكان يُسمّيه النّصارى يَسوع؛ أيّ المُخلِّص، كناية على أنَّه خلَّص الكثيرين من ضلالاتهم، وقد حملت به أمه دون زواج، وهذا ما وصفه الله -تعالى- في قوله: (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ). وقيل إنَّ مولد عيسى -عليه السّلام- كان في الرابع والعشرين من شهر كانون الأوّل، وعند ولادته تساقط على أمِّه رُطباً جنيّاً من شجرةٍ غير مثمرة، وجرت الماء عندها من مكان ليس فيه نهر كنوع من المعجزات التي رافقت ولادته -عليه السّلام-، وقد تكلَّم في المهد مثبتاً براءة أمّه، وعندما أراد قومه أن يقتلوه شبَّه الله -تعالى- لهم من يدلّهم على مكانه، وجعلهم يصلبونه، فظنّوا أنَّهم قد صلبوا عيسى -عليه السّلام-، ولكن رفعه الله إليه وكان يبلغ من العمر ثلاثاً وثلاثين سنة، وكانت مدة دعوته ثلاث سنين، وقد حمل دعوته من بعده أنصاره. وقال الحسن البصريّ إنَّ عمر عيسى -عليه السّلام- عندما رُفع كان أربعاً وثلاثين سنة، وقد ورد في الحديث أنَّ أهل الجنّة يدخلون على عمر عيسى -عليه السّلام-، حيث ورد في قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (يدخلُ أهلُ الجنَّةِ الجنَّةَ على طولِ آدمَ ستينَ ذراعًا بذراعِ الملَكِ، على حُسنِ يوسفَ، وعلى ميلادِ عيسى، ثلاثٍ وثلاثينَ سنةً، وعلى لسانِ محمدٍ، جُرْدٌ مُرْدٌ مُكحلُونَ). وليس بين عيسى -عليه السلام- والنبيّ محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- نبيّاً آخر، وقد بشَّر به وبرسالته للعالمين، وهو أحد أولي العزم من الرّسل، وقد اضَّهده اليهود وآذوه وحاولوا قتله، وقيل إنَّ الله -تعالى- رفعه في ليلة القدر من جبل بيت المقدس، ثمَّ ظهر لأمّه وطمأنها وقابل الحواريّين وثبّتهم في الأرض.
٢١ – نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم
جاء في صحيح البخاري أنَّ النبيّ محمد -صلى الله عليه وسلم- تُوفّي وعمره ثلاثة وستين عاماً، ووُلد سيّدنا محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- في الثاّني عشر من ربيع الأول من عام الفيل، في سنة خمسمئة وسبعين (570)، وأُوحيَ إليه في سنِّ الأربعين، وأمره الله -تعالى- بتبليغ دعوته بعد ثلاث سنوات من نبوّته، وبقيَ بعدها عشر سنوات في مكّة المكرّمة، ثمَّ أذِن الله -تعالى- له بالهجرة إلى المدينة المنوّرة، واستمرَّ فيها عشر سنوات، وبعد أن أكمل تبليغ الدّين قبضه الله -تعالى- في الثّاني عشر من ربيع الأول في السنة الحادية عشرة من الهجرة. وأمَّا نسبه فهو أبو القاسم مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْمطلب بن هَاشم بن عبد منَاف، وقد تُوفيَّ والده وهو جنين في بطن أمّه على الأصح، وكانت مرضعته -عليه الصّلاة والسّلام- حليمة السّعدية التي أقام معها خمس سنوات، ثمَّ ردّته إلى أمّه التي تُوفّيت في منطقة الأبواء وكان عمره -عليه السّلام- عندها ست سنوات.
هؤلاء هم أنبياء الله المرسلين الذين ذكروا في القران الكريم و السيرة النبوية الشريفة علماً أن هناك أنبياء لم يذكروا لنا قال تعالى
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ)
وقال ابن كثير – رحمه الله – :
وهذه تسمية الأنبياء الذين نُصَّ على أسمائهم في القرآن ، وهم : آدم ، وإدريس ، ونوح ، وهود ، وصالح ، وإبراهيم ، ولوط ، وإسماعيل ، وإسحاق ، ويعقوب ، ويوسف ، وأيوب ، وشعيب ، وموسى ، وهارون ، ويونس ، وداود ، وسليمان ، وإلياس ، والْيَسَع ، وزكريا ، ويحيى ، وعيسى عليهم الصلاة والسلام ، وكذا ذو الكفل عند كثير من المفسرين ، وسيدهم محمد صلى الله وعليه وسلم .
وقوله : ( وَرُسُلا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ) أي : خلقاً آخرين لم يذكروا في القرآن .
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020