||
ناصر العمري
جبل يقع بين مكة وَالطائف، يَبعُد عن مكة 22 كيلو متر وعلى بُعد 10 كيلو متر من منى و 6 كيلو متر من مزدلفة.
يعتبر أَهم مناسك الحج، والتي تسمى بوقفة عرفة وذلك في يوم التاسع من شهر ذي الحجة. وتعد الوقفة بعرفة أهم مناسك الحج كما قال النبي صل الله عليه وسلم «الحَجُّ عَرَفَةُ». طول جبل عرفة إلى 300 متر وبوسط قمته شاخص طوله ( 7 ) أمتار ليميزه عن بقية الجبال.
يعد مشعر عرفة الوحيد من مشاعر الحج الذي يقع خارج الحرم
♦️هناك عدة أسباب للتسمية
فقد سُمِّي بهذا الاسم؛ لأنَّ النَّاس يتعارفون فيه، و أيضاً قيل لأن جبريل طاف بإبراهيم وكان يريه المشاهد فيقول له: “أَعَرَفْتَ؟ أَعَرَفْتَ؟”، فيرد أبراهيم “عَرَفْتُ، عَرَفْتُ”،
وَ قيل أيضاً أنه سُمي عَرفة لأنَّ آدم وحواء “عندما هبطا من الجنة” التقوا فيه فعرفها وعرفته، وقيل أيضاً أنه سُمي بذلك لأن الناس يعترفون بذُنوبهم عِنده، وقيل:بل سُمي بالصبر على ما يُكابِدُون في الوصول إليه، لأن العُرف الصبر.
وَقد عُرف جَبل عَرفة باسم عَرفات، قال تعالى في سورة البقرة ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ﴾ الآية (198). وَكلمة عَرفات ليست جَمْعَ عَرَفَة -كما يظن البعض- إنما هو مُفرد على صِيغة جَمْع، وله نظائرُ في لُغة العَرب، وهي فسيحٌ مِن الأرض محاطٌ بِقَوْسٍ مِن الجِبال يكون وَتَرُه وادي عُرَنة.
وَيُطلق على عرفة أسماء أخرى منها: جَبل الرَحمة، القرين، النابت، جبل إلال.
♦️أهمية يوم عرفة
خيُر يوم طلعت فيه الشمس، يجتمع فيه ضيوف الرحمن في اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، لأداء الركن الخامس هو حج بيت الله والوقوف على صعيد عرفة الطاهر، ومن فاته عرفة فاته الحج.
عن فضل هذا اليوم عن أبو هريرة عن النبي صل الله عليه وسلم قال: «إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء، فيقول لهم: انظروا إلى عبادي جاءوني شعثاً غبراً»
وعن عائشة قالت قال النبي صل الله عليه وسلم : «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو يتجلى، ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟ اشهدوا ملائكتي أني قد غفرت لهم».
و يقف حجاج بيت الله الحرام في زمان واحدى مكان واحد لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى، اشرأبت أعناقهم وتوحدت قلوبهم في مشهد إيماني مهيب، ملبين لله تعالى، رافعين أكف الضراعة إليه عز وجل، طالبين المغفرة والرحمة، والأمل يحدوهم أن يغفر لهم، ويعودوا كيوم ولدتهم أمهاتهم، فيصلوا الظهر والعصر قصراً وجمعاً بأذان وإقامتين ويدعون بما تيسر لهم تأسياً واقتداءً بسنة خير البشر محمد عليه الصلاة والسلام.
♦️عرفة الوقت
الوقوف بعرفة هو من زوال شمس يوم عرفة إلى طلوع فجر اليوم التالي الذي هو أول أيام عيد الأضحى، ويصلي الحاج في عرفة صلاتي الظهر والعصر جمع تقديم بأذان واحد وإقامتين، ويستحب للحاج في يوم عرفة أن يكثر من الدعاء والتلبية وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم «خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير»
يبقى الحجاج في عرفة حتى غروب الشمس، فإذا غربت الشمس ينفر الحجاج من عرفة إلى مزدلفة للمبيت بها، ويصلي بها الحاج صلاتي المغرب والعشاء جمع تأخير؛ بمعنى أن يؤخر صلاة المغرب حتى دخول وقت العشاء، ويستحب للحاج الإكثار من الدعاء والأذكار، ويجمع الحاج الحصى، ثم يقضي ليلته في مزدلفة حتى يصلي الفجر، بعد ذلك يتوجه الحاج إلى منى لرمي جمرة العقبة الكبرى.
♦️حب المسلمين ليوم عرفة
يتفق المسلمون على فضل يوم عرفة،وذلك كونه يقع في الأشهر الحرم ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾
وكذلك كونه أحد أيام أشهر الحج ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾
وأحد الأيام المعلومات ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ﴾
وقال ابن عباس «الأيام المعلومات: عشر ذي الحجة»، وأن يوم عرفة أحد الأيام العشر التي أقسم الله بها ﴿وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾ وقد قال فيها ابن عباس: «إنها عشر ذي الحجة» قال ابن كثير: «وهو الصحيح». كما قال فيها رسول الله: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، يعني أيام العشر قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء».
كما يعتبر اليوم الذي أتم الله فيه دين الإسلام، فقد قال عمر بن الخطاب: «إن رجلاً من اليهود قال: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها، لو نزلت علينا معشر اليهود لاتخذنا ذلك اليوم عيداً. قال: أي آية؟ قال: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ . قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم الجمعة».
وفيه يعظم الدعاء فقد قال رسول الله: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة»،كما يكثر فيه العتق من النار وفيه قال رسول الله: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة»
♦️غروب شمس يوم عرفة
وعندما يقف الحجيج في عرفات و أمامهم مسجدة “نمرة” بفتح النون وكسر الميم وسكونها، فنمرة هو جبل نزل به النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة في خيمة، ثم خطب بعد زوال الشمس، وصلى الظهر والعصر قصرًا وجمعًا “جمع تقديم” ، وبعد غروب الشمس تحرك منها إلى مزدلفة، ثم في أول عهد الخلافة العباسية في منتصف القرن الثاني الهجري بني مسجدَا في موضع خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يعرف الآن بمسجد نمرة، توالت بعدها توسعاته على مر التاريخ وصولاً للوقت الحالي فأصبحت مساحته (124) ألف متر مربع مؤلف من طابقين مجهزين بنظام للتبريد والمرافق الصحية حيث يتسع لأكثر من (300) ألف مصل.
ويأتي جمعٌ من الحجاج يوم عرفة إلى مسجد نمرة؛ ليستمعوا إلى خطبة خطيب المسجد، ثم يصلوا الظهر والعصر بأذان وإقامتين، ثم يشرعوا بالدعاء والتضرع لله تعالى حتى غروب الشمس.
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020