||
بروكسيل – ناصر العمري @NasserNssn4
انعقدت القمة الخليجية – الأوروبية الأولى في العاصمة البلجيكية بروكسل في 16 أكتوبر 2024 تحت شعار “الشراكة الاستراتيجية من أجل السلام والازدهار”، وهي قمة تمثل نقلة نوعية في العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي. جاءت هذه القمة لتعزز التزام الجانبين بالعمل المشترك لمواجهة التحديات الإقليمية والعالمية المتزايدة. وقد ركزت على أهمية تعزيز التعاون في مجالات الأمن والتجارة والاستثمار، بما يسهم في دفع العلاقات الثنائية إلى مستويات جديدة من التكامل والشراكة.
وفي خطوة تهدف إلى تسهيل التنقل بين دول الخليج وأوروبا، تم التأكيد على ضرورة مواصلة مفاوضات إعفاء المواطنين الخليجيين من تأشيرة الشنغن وهي خطوة من شأنها تعزيز العلاقات التجارية والسياحية والثقافية بين الطرفين. كما تم الإعلان عن استضافة المملكة العربية السعودية للنسخة المقبلة من هذه القمة في عام 2026 وهو ما يعكس مكانة السعودية البارزة في تعزيز الشراكة بين الكتلتين ودورها الريادي في المنطقة.
وفيما يخص التحديات الأمنية التي تشهدها المنطقة، شدد البيان الختامي للقمة على ضرورة إطلاق حوار إقليمي لتعزيز الأمن والاستقرار، خاصة في ظل التوترات المستمرة في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي وتطورات المشهد اليمني. وأكد المجتمعون على ضرورة إيجاد حلول دبلوماسية للصراعات القائمة، مع التركيز على تحقيق السلام الدائم من خلال الحل العادل للقضية الفلسطينية، المتمثل في حل الدولتين، كسبيل لضمان الاستقرار في الشرق الأوسط.
لم تغفل القمة عن الأوضاع الإنسانية المتدهورة في غزة ولبنان، حيث دعا البيان الختامي إلى وقف إطلاق النار في كلا المنطقتين، مديناً الهجمات التي تستهدف المدنيين والبنية التحتية في قطاع غزة. كما أعرب القادة عن قلقهم البالغ إزاء العمليات العسكرية المتزايدة في الضفة الغربية، مؤكدين على أهمية اتخاذ إجراءات فورية للحفاظ على أرواح المدنيين وإنهاء العنف.
وعلى صعيد آخر لاقى الدور السعودي في دعم الجهود الدبلوماسية الرامية إلى تحقيق الاستقرار في اليمن إشادة كبيرة من قادة الاتحاد الأوروبي. إذ لعبت المملكة العربية السعودية، بقيادة الأمير محمد بن سلمان دوراً محورياً في الدفع باتجاه الحلول السياسية للأزمة اليمنية، إلى جانب إطلاق مبادرة “تحالف دعم حل الدولتين” في إطار الجهود المبذولة لحل القضية الفلسطينية. هذا التحالف يهدف إلى إيجاد حل شامل وعادل يُنهي الصراع المستمر ويمهد الطريق لتحقيق سلام دائم في المنطقة.
وقد حملت القمة رسالة واضحة حول أهمية تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي ودول الخليج في القرن الحادي والعشرين. واتفق الطرفان على العمل معاً لتعزيز الأمن والازدهار العالميين، مع التركيز على مجالات حيوية مثل الأمن الغذائي الطاقة المتجددة، وحرية الملاحة في البحر الأحمر مما يعكس التزام الجانبين بحماية المصالح المشتركة وتعزيز التجارة البحرية العالمية.
وفي هذا السياق تم الإعلان عن إطلاق حوار استراتيجي يهدف إلى تسهيل التجارة والاستثمار بين الجانبين بما في ذلك التوصل إلى اتفاقية تجارة حرة بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي. هذا التوجه نحو تعزيز التعاون الاقتصادي من شأنه أن يفتح آفاقاً جديدة للاستثمار ويسهم في تعزيز النمو الاقتصادي في المستقبل القريب.
ولم يكن دور السعودية غائباً عن هذا المشهد إذ حظي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بلقاءات متعددة مع القادة الأوروبيين حيث ناقش معهم سبل تعزيز التعاون في مختلف المجالات، خاصة في مجالات الطاقة المتجددة والبنية التحتية. وقد عبرت أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية عن توافق كبير بين الاتحاد الأوروبي والمملكة العربية السعودية، مؤكدة على أهمية بناء “ممر اقتصادي” مشترك يدعم النمو المستدام ويساهم في تحقيق الاستقرار الإقليمي.
تشكل هذه القمة خطوة هامة نحو بناء شراكة استراتيجية طويلة الأمد بين دول الخليج والاتحاد الأوروبي حيث تتجاوز هذه الشراكة البعد الاقتصادي لتشمل قضايا الأمن الإقليمي والدولي وتعزيز حقوق الإنسان وحل النزاعات بالطرق السلمية. ومع الإعلان عن استضافة السعودية للقمة المقبلة في عام 2026 يبدو أن العلاقات بين الطرفين مرشحة لمزيد من النمو والتطور مما يعزز دور الخليج كفاعل رئيسي في الساحة الدولية، سواء على الصعيدين الاقتصادي أو السياسي ويؤكد على التزامه بالعمل من أجل تحقيق الاستقرار والازدهار في العالم.
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020
هذه أول قمة تعقد بين الاتحاد الأوروبي ودول الخليج ، وقد تم الإعداد لهذه القمة من قبل سنتين . وهذه القمة أبرزت الثقل السياسي والاقتصادي لدول الخليج.