||
د إيمان مناجي أشقر
كنت اسمع عنه كم عرفه الكثير و لم أحلم للحظة أني سألتقيه عن قرب . في عام ٢٠٠٤ كتب المرحوم محمد صادق ذياب في عاموده اليومي مقال بعنوان ( المعطف الابيض ) تعليقاً على اصداري لكتاب ( كحلي و الخضاب ) و الذي كان له رحمه الله اليد البيضاء في اصداره بعد توجيهي و نصحي ، قال محمد صادق بلغوا د عبدالله مناع و بلغوا الطبيبة د ايمان اشقر ان يتركوا الادب لنا لاننا لا نزاحمهم في عيادتهم و كان في ذلك المقال اطراء لي و تاكيد لابداع د مناع ، اعتبرت ذلك المقال خطوة من خطوات نجاحي . في احد الصباحات و انا امشي في بهو مستشفى الملك فهد العام و اذا بقامة د عبدالله مناع و مشيه الواثق الجميل يمشي في نفس المكان ، وقفت و القيت التحية عليه عرفته بنفسي و اخبرته كما له من حضور عميق في نفوسنا جميعاً، عرضت خدماتي له فأجاب ( أتيت لفتح ملف و لعرضي على احد الاطباء و شئت ان اقف كما يقف الاخرون لأرى ماالذي علي فعله ).
اخبرته ان الامر ليس بالصعب و لكن مكانته الكبيرة في نفوسنا تستوجب بقاءه في مكانه و نأتي بالاشياء اليه . دعوته لمكتبي و تم فتح الملف و استدعاء استشاري لمعاينته و الاهتمام بأمره .
بعدها اخبرته اني بصدد اصدار و توقيع كتابي (بنت لال) سألني أين سيكون و وعدني بالحضور ، حينها طلبت من سعادته ( رحمه الله) ان يكون الافتتاح على شرفه ، وافق بكل تواضع جم و رقي تعامل لا شبيه له و لا نظير، حضر الافتتاح و استمع و استمتع كما قال و شارك الحضور بالمداخلات و كانت سعادة الجميع بالغة لوجوده معهم . بعدها اصبح د عبدالله مناع الاب و الصديق و الزميل و الناصح و من قبلها كان القدوة و المثال الحي على رقي الادب و تواضع الكبار .
عندما أنشئت المقهى الثقافي في جدة التاريخية و تسميته ( بنت لال ) بارك لي الخطوة و أثنى على حماسي و حبي للمغامرة و التحدي ، و تكللت سعادتي حين كان من اوائل زوار ذلك المكان الذي احببت ، تحدث عند لقاءنا عن حكايات جدة القديمة و البحر ، تحدث عن التمسك بالقيم و العادات و الاصول و الاخذ بها معنا في طريق التقدم و الحضارة .
كان رحمه الله قبل ان يحدثني يبعث برسالة نصية للتاكد من عدم انشغالي ، كان لا يزاحم الاجازات الاسبوعية باستفسار او استشارة ، كان يتحدث بأدب جم و بالفصحى و حتى عامية اللغة لها أدب و ثقافة ، كان دائماً يردد ان سعادته بالغة لأنه يرى السيدة السعودية في الصفوف الاولى في كل المجالات و أن النجاح لا يعرف سقف تحدي ، في عامه الاخير قال أحمد الله أني عشت حتى أرى المرأة السعودية و قد حظيت بكل حقوقها و نجحت في سباق الحضارة مع تمسكها بعقيدتها و أصولها ، في العام الاخير قال .. يكفينا ما رأيناه من تقلبات الدنيا و أحداث ، وصلنا حد الكفاية .
كان أخي و ابي و صديقي و ناصحي ، كان ايقونة الرقي في الادب و التعامل و الحرص و الصراحة ، لم يكن مناعاً للخير بل كان كريماً أبياً ،
رحمه الله رحمة واسعة و جعل له تحت عرش الله مستقراً و مقاماً ، و جعله جوار المصطفى حبيبه محمد عليه أفضل الصلاة و السلام ( اللهم آمين)
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020