||
ضيف الله نافع الحربي
أيام عظيمة، وموسم من مواسم الخير، وفرص ثمينة لمن يُجيد اقتناصها. وهذا اليوم تحديدًا “يوم عرفة”، يوم لا يغفل عن فضله إلا خاسر مُفرط في أجره وثوابه العظيم. هو من أيام العشر التي أقسم بها الله عز وجل ، ويوم من أيام الحج، فضله للحاج والمُقيم لا يُحصى، لمن أخذ بيده إلى الخير، بصيامه إن لم يكن من الحجاج. ساعاته معدودة من فجره إلى غروبه، لمن وفق فيه بالذكر والصلاة والصدقة والدعاء.
كم من دعوة في هذا اليوم لم يكن بينها وبين الله حجاب، وكم من سعادة في الدنيا والآخرة كُتبت في هذا اليوم، وكم ذنوب كُفرت وخطايا مُسحت بدعوة تائب صادق في توبته.
وقد جاء في فضله ما رواه قتادة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: “صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ” [رواه مسلم].
قد ينشغل الإنسان، وقد يغفل ويخطئ ويُذنب، ولكن من غير المنطق أن يبلغك الله يومًا عظيمًا ثمينًا كيوم عرفة، ولا تستثمره! ، قبل عامين، كنت في رحلة إلى المشاعر المقدسة حاجًا للمرة الأولى، ورأيت من الحجاج في هذا اليوم العظيم سلوكًا إيمانيًا مثاليًا لا مثيل له في استغلال كل دقيقة من دقائقه لأنهم استشعروا قيمته وتسلل إلى أرواحهم علو شأنه و روحانيته ، وما إن تغرب شمسه حتى تشعر بالبكاء خوفًا وخشية أن هذا اليوم العظيم قد انقضى ولم تكن ممن أُستجيب لهم وغُفرت ذنوبهم.
وهنا وصية لكل حاج: أمامك يوم ليس كسائر الأيام، وفرصة كبيرة أن يشملك الله برحمته وعفوه وغفرانه، فلا تُفرط في لحظة واحدة، فقد يكون فيها جواب رب العالمين لما دعوت به.
ولمن لم يُكتب له الحج، أمامه يوم عرفة، يوم تُرفع فيه الأعمال، ولديه من الذنوب والهفوات والدعوات والأمنيات ما ظهر منها وما خفي، لا يعلمها ولا يحققها إلا الله، فكن ذاك المجتهد الساعي بكل ما أوتي من جهد لينال من فضل هذا اليوم العظيم ما استطاع. فالفرص التي تضيع قد تكون أقل حظًا في إدراكها مستقبلًا، حين يكون للأجل المحتوم رأيٌ آخر.
همسة:
تقبل الله منا ومنكم.
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020