||
ضيف الله نافع الحربي
الثقة، تلك العلاقة الخفية التي لاتظهر على هيئة صوت أوصورة رغم قوتها وحساسيتها ، إلا إن العقول الناضجة تستشعرها وتتحمل مسؤوليتها بحرص فائق ، علمًا منها أن الثقة أمرها عظيم ولا تُمنح إلا لمن استحقها بنظر مانحها ، وهي رغبة حقيقة من أحد الأطراف في منح الآخر امتيازات لم تكن لغيره وربما لن تكون لأحد بعده، وهنا عمق آخر للثقة يؤكد أنها مجموعة من المشاعر والاستنتاجات التي توصل لها الشخص وبنى على أساسها تصور أفضى إلى الثقة التامة بهذا القريب أو الصديق أو الزميل ، ولكن السؤال الذي طُرح ولازال يُطرح هل الثقة سلوك صحيح في مكانه يؤكد سلامة القرار ، أم أنها مغامرة ولعب بالنار وقنبلة موقوتة يضعها الإنسان بين يدي شخص ربما يلقي بها إليه لحظة خذلان لتحوله إلى ركام من الحسرة والندم .
من الصعب الحكم على الثقة وتصنيفها على أنها خطأ جسيم على الإطلاق ، ومن غير المنطق الحكم بأنها آمنة في كل الأحوال ومع كل الأشخاص ، ولكن المتوافق عليه أن الإفراط في منحها حتمًا ستكون نهايته مأساوية ، فالناس يتباينون في أنانيتهم و أخلاقهم و سلوكهم وإنسانيتهم ، ومنهم من يسهل عليه الخذلان و الخيانة ، ومنهم من تمكنت منه الأنانية ، وآخرين يُجيدون التلون والتشكل والظهور بمظهر الثقات المؤتمنين حتى يُمنحون الثقة التي ما تلبث أن تتحول وتنقلب على صاحبها حسرة وألما ، لأنها وضعت في شخص وضيع لايستحقها ، ومن يقع ضحية لها أولئك البسطاء الطيبين الذين يعتقدون أن الحياة كما يتصورونها ويرون في التاس نُسخ لهم وهذا من أخطاء الحياة التي عصفت بالقلوب والبيوت والعلاقات . ولأن الثقة جزء من جماليات السلوك الإنساني ، وذروة سنام الحُب ، فمسؤوليتنا تجاهها أن نحميها من خلال رفع الوعي بأهميتها ، و شروطها التي تكفل لها أن تكون في أمان بعيدًا عن عبث العابثين بها ، فليس كل من نُحب يستحق الثقة ، وليس كل من يُبهرنا يستحقها ، ولسنا مُجبرين أن نثق بشخص قبل أن يثبت لنا أنه بحجم تلك الثقة ، لأن من يستحقون الثقة ، قلة القلة ، لكن وجودهم في حياتنا جزء لا يتجزأ من الأمان .
همسة :
الثقة سيف ذو حدين تضعه بيد أحدهم فإما أن يطعنك بالخذلان أو يتصدى بع لكل ما يتربص بأمانك .
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020