||
ضيف الله نافع الحربي
في الوقت الذي توافرت فيه وسائل التواصل وأدوات الاتصال بين أفراد المجتمع ، تقلصت دائرة العلاقات الاجتماعية بشكل لافت وملحوظ في مجتمع لم يكن يعرف أفراده العُزلة قبل عقود قليلة لا تتجاوز ٤٠ عام مضت و تُعد فترة قصيرة بالنسبة لتغير ثقافة التواصل في مجتمع نشأ وتربى على نسج خيوط التواصل مع محيطه القريب والبعيد ، فالأسرة الكبيرة أو القبيلة أو الحي كان أفرادها يعرفون على أقل تقدير الحد الأدنى عن شركائهم في هذا المجتمع ، بينما اليوم يمر طوعًا الكثير من أفراد المجتمع بضائقة اجتماعية وأعني بها نقص حاد في العلاقات مع الآخرين ، مع القناعة بعدم الرغبة في تكوين العلاقات بشتى أنواعها واكتفاء الشخص بنفسه أو بعدد محدود جدًا ربما لايتجاوز من يشاركونه المسكن الذي يعيش فيه وقد تكون علاقته بهم علاقة سطحية حد التباعد الجاف الذي جعل من حياته متصحرة عاطفيًا واجتماعيًا .
و ما يحدث من افتعال العزلة ومحاولة تطبيعها والانتماء لقناعة الاكتفاء بالذات والإنطواء أمر غير مألوف و غير طبيعي ، لاسيما أن الإنسان السوي اجتماعي حريص على تكوين خطوط اتصال وتواصل مع من حوله ، ليس شرطًا أن يكون لدى الإنسان ألف صديق لكن المهم أن تكون هذه الخانة غير شاغرة . فصديق واحد أو علاقة إنسانية ناضجة أيًا كان نوعها تكفي لتبقيك على قيد الحياة الاجتماعية التي تُغذيك وجدانيًا وتصنع منك شخص تشاركي قادر على التفاعل وإحداث الأثر .
أما من يسوق للمفاهيم المغلوطة المتمثلة في أن العلاقات أغلبها سامة وأن الناس شر لن تنجو منه ، و التي تُرهب من يستمع لها دون وعي وترعبه لتحول دون تكوين العلاقات الصحية ، وتبني السجون النفسية التي يضع الشخص غير السوي نفسه فيها ، فما هي إلا جرائم نفسية وإرجاف يقوده أشخاص لديهم عُقد واهتزازات نفسية وربما تجارب مشوه جعلت منهم أشواك في أجساد الذين لايملكون القدرة على تقصي الصواب وتفنيد المفاهيم الخاطئة .
همسة :
أنت جزء من العالم والناس ، فلا تعزل نفسك وأنت جزء من حياتهم .
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020