||
ضيف الله نافع الحربي
كانت آخر زيارة لي إلى دمشق عام 2007 م ، كانت حينها مدينة الحياة والفن والجمال ، وكانت وجهة سياحية إقليمية تكاد تحتل صدارة الوجهات السياحية لدول الخليج العربي ، وكان الشعب السوري في ذلك الوقت يعيش رعب النظام الحاكم الذي يتعامل معهم بتعسف وطائفية وهذا ما كانوا يذكرونه لنا ، إضافة للخوف من المجهول الذي ينتظرهم ، أما أوضاعهم المعيشية لم تكن على ما يُرام لكن عجلة الحياة كانت تسير بهم ، وما يؤرقهم أنهم لا يأمنون على أنفسهم من بطش شبيحة النظام والمتنفذين من أتباعه ، الذين يفعلون ما يحلو لهم ، يبطشون وينهبون ويضربون ويهينون كل من يقول لهم لا ، إضافة لتفشي الفساد في مؤسسات الدولة الذي يعرفه كل من زار هذا البلد ذلك الوقت ، إلى أن قامت الثورة السورية في بداياتها ، وشُرد الشعب ( المغلوب ) على أمره قسرًا لتبدأ رحلة الضياع ومعاناة الجياع والطريق المجهول الذي حصد أرواح الكثير منهم ، وفي ظل تلك الصعوبات كانت السعودية أول من مد يده للشعب السوري المنكوب ، عاش الملايين منهم بيننا معززين مكرمين على حساب حكومتنا الرشيدة ولم تُشعرهم أنهم لاجئين بل تم التعامل معهم كضيوف مُكرمين.
واليوم وبعد أن آلت الأحداث إلى ماهي عليه ، وسقوط نظام الأسد بعد عقود طويلة ، أصبح التحدي الأكبر للسوريين إعادة الحياة إلى عاصمة الياسمين دمشق بعد أن تشربت دماء الأبرياء ، أصبحت المسؤولية فردية تخص كل سوري رجل كان أو إمرأة ، واجب بلادهم عليهم أن يكونوا صفًا واحدا ، على كلمة واحدة ، بعيدًا عن الأخطاء التي وقع فيها غيرهم ممن عاشوا نفس الظروف ، فلم يعد لدى هذا الشعب الكريم متسعًا لمزيد من الألم ، ولم تعد بلادهم تحتمل مزيدًا من التخريب والدمار والتفجير ،
نعم هي الفرصة الثمينة التي يستطيع من خلالها السوريين أن يكتبوا التاريخ من جديد ويغرسوا الحرية المعتدلة بأيديهم ويسقونها بطموح من يسعون لبناء دولة قانون وسيادة ، لاسيما أن لدى سوريا من المقومات والخيرات ما يكفل لهم حياة آمنة ورخاء معيشة ، ولدى شعبها من الإمكانات والانتماء ما يمكنهم من البناء من جديد ومواصلة العمل للعودة ببلادهم إلى المكانة التي تستحقها .
همسة :
اللهم احفظ سوريا وأهلها و وحد كلمتهم .
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020