ضيف الله نافع الحربي

مع وفرة وسائل نشر المحتوى المرئي والمسموع ، لم يعد يفصل صنّاع المحتوى عن المجتمع سوى تسجيل المادة التي يرغب صاحبها بنشرها ، ومانراه اليوم من زخم هائل يُغرق مواقع التواصل الاجتماعي يُشير إلى عاملين هامين ساهمت في وجود هذا الكم ، وهما سهولة النشر ونهم الشهرة العمياء ، ما نتج عنه طغيان المحتوى الغث الذي استفز العقلاء وغيرهم للتصدي له حتى كاد أن يكون الصراع ما بين المعارضين لأي محتوى لايتوافق والقيم والمبادئ ولايحمل الفائدة و بين من يرى أن كل شخص له حرية ما يطرح لاسيما أنه لم يطرق باب أحد ليفرض عليه المحتوى ، ولا أعتقد أن هذا الصراع سيتوقف لاسيما أن المغذيات لاتزال تزود أوعية المعلومات ومواقع التواصل بمحتوى لا ضوابط له عدا ما يتجاوز الخطوط الحمراء المغلظة وتتصدى له القوانين الصارمة ، ومن يتابع الصراع الدائر بين أصحاب المحتوى الأقل جودة وبين المتلقي النخبوي يجد أنه صراع اتهام وانتقاد دون أي حلول أو لغة تقارب ، ولو تحولت بوصلة الصراع لتُشير إلى حيث الحوار المُثمر والعمل على إيجاد حلول عملية تقود مرحلة تجويد المحتوى المرئي والمسموع في مواقع التواصل والذي يستأثر بشريحة كبيرة من المتابعين بعكس المحتوى المقروء ، 

إن الخطوة العملية الأولى القادرة على رفع مستوى وقيمة المحتوى هي رفع وعي وثقافة ومهارة صنّاعه ، وهذا الأمر ليس صعبًا ، إذا ما تم التركيز على إكساب الأفراد مهارة إعداد المحتوى قبل نشره ، لأن الإعداد هو سِر النجاح وتحقيق الهدف ، وهذا مع الأسف أصبح قليل من يُجيده ، لغياب أدواته لدى الكثير ، لأن الأغلبية العظمى اليوم ، لايعرف عما سيتحدث قبل أن يفتح كاميرا جهازه ويبدأ ( الهبد ) ما يجعله يهذي بما لا يدري فيخلط الحابل بالنابل ، ويقفز فوق المحظورات ويقع في الممنوع لأنه ليس لديه محتوى له حدوده الواضحة ، وهذا ضعف شديد في الوعي بخطورة مخاطبة المجتمع ، فحين تكون شخصية عامة ولديك عدد كبير من المتابعين ، أنت مسؤول ومحاسب ، حين تحاول المساس بما لايجوز المساس به ، وأنت محاسب حين تحاول تسطيح الطرح ، و معاقب حين تنشر صورة غير جيدة عن المجتمع بحكم أنك متابع وقد يصل محتواك لنطاق جغرافي يتجاوز حدود الوطن ،وفي ظل ما نرى ونسمع أتمنى أن يضاف للجهود الرقابية الرائعة التي تقوم بها الهيئة العامة لتنظيم الإعلام إلزام صنّاع المحتوى الدخول في دورات تأهيله لإعداد وصناعة المحتوى قبل أن يحصل على رخصة النشر والإعلان لنحمي المجتمع ونبرز أجمل مافيه . 

همسة:

إن لم تكُن بحجم ما تُقدم فلا تظهر للملأ .