||
ضيف الله نافع الحربي
لأن الإنسان معرض لفقدان حكمته و صواب نظرته تحت ظروف معينة تأتي الخسائر الفادحة وتروى القصص ذات النهايات المُفجعة ، ونسمع وتقرأ عن الشتات الذي مزق الجماعات وأنهك تلك الروايات بتفاصيل تفرح العدو ولا تسر الصديق ، ولأن ذاك الإنسان الذي خضع لتلك الظروف وأطلق العنان لجنونه الباطن فقد السيطرة على انفعاله وسلّم عقله للسبات العميق ، وتسلح باللاعقل في لحظة اللا وعي ففعل ما لا يُفعل ، متجاهل مابعد سكرات الجنون من ندم ولوم وجلد بسياط العواقب التي قد تكون قاصمة لظهر الحياة ، ذاهبة بكل جميل كان ينعم به قبل أن تهب رياح الجنون .
فهذا رجل غضب فقتل وسجن ثم قُتل عقابًا عادلًا للجرم الذي ارتكبه بعد أن تجرع في سنوات السجن مرارة اللحظات وعذاب الخلوة بالضمير وانتظار الموت الذي يتربص به ذات صباح باكر حين يُقاد إلى حيث نهاية حياته ، وآخر حاول أن يهرب من واقع حياته الصعبة إلى أحضان المخدرات والمُهلكات العقلية ظنًا منه أن في هذا الهروب خلاص مما هو فيه ، فما لبث طويلًا حتى زُج به هائمًا في الطرقات جسدًا نحيل بلا عقل، يرتدي ثياب قذرة يتقزز الناس من مجرد النظر إليها ، وتلك وصل بها الغضب حد الانتقام الأعمى من زوجها الذي تزوج عليها أو ضيق عليها حياتها أوزاد وتفاقم بينهما الخلاف ، لتخرج عن صوابها و تسكب عليه المادة الحارقة في اعتداء على النفس التي حرم الله الاعتداء عليها ، لتكون النهاية لها مخزية ومؤسفة ،
إنها لحظات الجنون الملعون الذي زينه الشيطان ونفذه الإنسان في لحظة حمقاء ، يتمنى صاحبها بعدها لو أنه ما خلق في هذه الحياة .
والسؤال هنا يا أولي الألباب : ألا نسمع بتلك القصص المؤسفة ؟ ألم نتعوذ من الشيطان حين نسمعها ؟ ألم نفكر في مصير من مضت عليهم تلك الأقدار ، ألا نعتبر ؟! ألم نجعل من تلك القصص رادع لنا وقد علمنا تفاهة الأسباب التي قادت لها ، المؤكد أن لا أحد يجهل كل هذا لكنها لحظات الجنون الساكن بالإنسان حين يعتقد أن ذاك الجنون هو العقل الذي سينتصر به ! والعياذ بالله .
همسة :
ردة الفعل الغاضبة قد تكون هي القاضية على الحياة .
جميع الحقوق محفوظه لصحيفة المصداقية الالكترونية 2020